وَمَا بِهِ تَمَّ مَعْنَى المُبْتُدَا خَبَرٌ *** كَالشَّأْنِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ صَاحِبُ الدُّوَلِ
أما النوع الرابع من المرفوعات فهو: الخبر وهو: الجزء المتم الفائدة مع مبتدأ غير وصف. ففي المثال السابق: محمد قائم. تم الكلام، إذن: "قائم" خبر. والذي قبل قائم مبتدأ غير وصف، وهذا هو الشرط، فلماذا نقول: مع غير وصف؟ قالوا: لأن الذي بعد المبتدأ الذي يكون وصفًا لا يكون خبرًا، بل يكون فاعلاً أو نائب فاعل، مع التفصيل السابق. ولهذا لا تقل: الخبر هو الجزء المتم الفائدة وتسكت، بل لا بد أن تقول: مع مبتدأ غير وصف.
والخبر قد يكون مفردًا، وقد يكون جملة، وقد يكون شبه جملة. والخبر المفرد مثل ما مثلنا، أما الخبر الجملة فقد تكون الجملة اسمية وقد تكون فعلية، والخبر الجملة الاسمية مثل: الإسلام آدابه عالية. "الإسلام" مبتدأ أول مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. "آدابه" مبتدأ ثانٍ مرفوع كالذي قبله، وآداب مضافة والهاء مضاف إليه. "عالية" خبر المبتدأ الثاني. والمبتدأ الثاني وخبره خبرُ المبتدأ الأول. إذن ما نوع الخبر؟ جملة. ما نوع الجملة؟ اسمية.
والقاعدة: إذا كان الخبر جملة اسمية فلا بد من مبتدأين.
أما الخبر الجملة الفعلية إذا قلت: الإسلام يهذب أبناءه. أو: الأب يهذب أبناءه. فالخبر هو جملة "يهذب أبناءه".
أما الخبر شبه الجملة فهو: الظرف، والجار والمجرور. ولماذا يقولون: شبه جملة؟ لأن فيه شبه بالمفرد، وفيه شبه بالجملة. أي أنه ليس مفردًا خالصًا ولا جملة خالصة. فالظرف والجار والمجرور إذا وقعا خبرًا فيقال لهما: شبه جملة؛ لأنه إما أن يُقدر المتعلَّق باسم، فيكون من قبيل الإخبار بالمفرد، وإما أن يقدر المتعلَّق بفعل، فيكون من قبيل الإخبار بالجملة. فإذا قلت: زيد في الدار. "زيد" مبتدأ. "في الدار" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر. والتقدير: زيد كائن في الدار. أو: زيد استقر في الدار. فما الفرق بين كائن واستقر؟
كائن اسم؛ فيكون من قبيل الخبر المفرد، واستقر فعل؛ فيكون من قبيل الخبر الجملة. هذا سبب أنهم يقولون: إنه شبه جملة؛ ولهذا يقول ابن مالك(1):
وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ أَوْ بِحَرْفِ جَرْ *** نَاوِينَ مَعْنَى كَائِنٍ أَوْ اسْتَقَرْ
وهذا على القول بأن الخبر هو المتعلق، وهناك رأي آخر يتسم بالسماحة والسهولة يقول: لا يوجد متعلق، والموجود هو الخبر، فالظرف هو الخبر. وهذا الرأي ينفع الطلاب المبتدئين.
قال: (والمبتدا). وهذه تُقرأ بالقصر فلا تقل: (المبتدأ)، بل تُقرأ بالألف المقصورة بدون همزة (المبتدا). قوله: (نحو: زيدٌ قائمٌ). الخبر هنا مفرد. (وأنا فِي الدارِ). الخبر شبه جملة. (وهو أبوه غير ممتثلِ). الخبر جملة اسمية؛ لأن (وهو) مبتدأ. (أبوه) مبتدأ ثان. (غير) خبر للمبتدأ الثاني. والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول.
ملاحظة: الجملة إذا وقعت خبرًا، فلا بد من رابط يربطها بالمبتدأ، والغالب أن الرابط يكون ضميرًا.
ثم انتقل المؤلف إلى تعريف الخبر، فقال:
وَمَا بِهِ تَمَّ مَعْنَى المُبْتُدَا خَبَرٌ *** كَالشَّأْنِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ صَاحِبُ الدُّوَلِ
(زيد) مبتدأ. والذي تمم المعنى (صاحب الدول) فتكون خبرًا. وكل النسخ الشبراوية: (كالشأن). أي: كالحال، إلا في نسخة الشيخ سليمان الفقيه الشارح ففيها: (كالثاني في نحو زيد). والمراد بالثاني: الخبر. و(الدِّولِ) تقرأ بكسر الدال، وتقرأ بضمها، وبالكسر معناها: النصر على الأعداء في الحرب، جمع دَوْلة بالفتح، وفي القرآن: ﴿ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾(2). أما بالضم (كزيد صاحب الدُّول)، جمع دُولَة، والدُّولَة هي: الغنى وتداول الأموال. وجاء في القرآن: ﴿ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾(3). ذكر هذا صاحب "مختار الصحاح".
(1) الأستاذ المقدم، إمام النحاة وحافظ اللغة، صاحب التصانيف السائرة. جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني. نزيل دمشق. ولد سنة ست مئة أو إحدى وست مئة. أخذ العربية عن غير واحد. وصرف همته إلى إتقان لسان العرب، حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين. وهو حبرها السائرة مصنفاته مسير الشمس، ومقدمها الذي تُصغي له الحواس الخمس. كان إماما في اللغة وحفظ الشواهد وضبطها، إماما في القراءات وعللها. مع الدين المتين والتقوى الراسخة. له مؤلفات جياد؛ منها: "الكافية الشافية"، و"وفاق الاستعمال". توفي في ثانى عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وست مئة. انظر: طبقات الشافعية الكبرى (8/ 67 ترجمة 1078)، وبغية الوعاة (1/ 119 ترجمة 224).
(2) آل عمران: 140.
(3) الحشر: 7.
أما النوع الرابع من المرفوعات فهو: الخبر وهو: الجزء المتم الفائدة مع مبتدأ غير وصف. ففي المثال السابق: محمد قائم. تم الكلام، إذن: "قائم" خبر. والذي قبل قائم مبتدأ غير وصف، وهذا هو الشرط، فلماذا نقول: مع غير وصف؟ قالوا: لأن الذي بعد المبتدأ الذي يكون وصفًا لا يكون خبرًا، بل يكون فاعلاً أو نائب فاعل، مع التفصيل السابق. ولهذا لا تقل: الخبر هو الجزء المتم الفائدة وتسكت، بل لا بد أن تقول: مع مبتدأ غير وصف.
والخبر قد يكون مفردًا، وقد يكون جملة، وقد يكون شبه جملة. والخبر المفرد مثل ما مثلنا، أما الخبر الجملة فقد تكون الجملة اسمية وقد تكون فعلية، والخبر الجملة الاسمية مثل: الإسلام آدابه عالية. "الإسلام" مبتدأ أول مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. "آدابه" مبتدأ ثانٍ مرفوع كالذي قبله، وآداب مضافة والهاء مضاف إليه. "عالية" خبر المبتدأ الثاني. والمبتدأ الثاني وخبره خبرُ المبتدأ الأول. إذن ما نوع الخبر؟ جملة. ما نوع الجملة؟ اسمية.
والقاعدة: إذا كان الخبر جملة اسمية فلا بد من مبتدأين.
أما الخبر الجملة الفعلية إذا قلت: الإسلام يهذب أبناءه. أو: الأب يهذب أبناءه. فالخبر هو جملة "يهذب أبناءه".
أما الخبر شبه الجملة فهو: الظرف، والجار والمجرور. ولماذا يقولون: شبه جملة؟ لأن فيه شبه بالمفرد، وفيه شبه بالجملة. أي أنه ليس مفردًا خالصًا ولا جملة خالصة. فالظرف والجار والمجرور إذا وقعا خبرًا فيقال لهما: شبه جملة؛ لأنه إما أن يُقدر المتعلَّق باسم، فيكون من قبيل الإخبار بالمفرد، وإما أن يقدر المتعلَّق بفعل، فيكون من قبيل الإخبار بالجملة. فإذا قلت: زيد في الدار. "زيد" مبتدأ. "في الدار" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر. والتقدير: زيد كائن في الدار. أو: زيد استقر في الدار. فما الفرق بين كائن واستقر؟
كائن اسم؛ فيكون من قبيل الخبر المفرد، واستقر فعل؛ فيكون من قبيل الخبر الجملة. هذا سبب أنهم يقولون: إنه شبه جملة؛ ولهذا يقول ابن مالك(1):
وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ أَوْ بِحَرْفِ جَرْ *** نَاوِينَ مَعْنَى كَائِنٍ أَوْ اسْتَقَرْ
وهذا على القول بأن الخبر هو المتعلق، وهناك رأي آخر يتسم بالسماحة والسهولة يقول: لا يوجد متعلق، والموجود هو الخبر، فالظرف هو الخبر. وهذا الرأي ينفع الطلاب المبتدئين.
قال: (والمبتدا). وهذه تُقرأ بالقصر فلا تقل: (المبتدأ)، بل تُقرأ بالألف المقصورة بدون همزة (المبتدا). قوله: (نحو: زيدٌ قائمٌ). الخبر هنا مفرد. (وأنا فِي الدارِ). الخبر شبه جملة. (وهو أبوه غير ممتثلِ). الخبر جملة اسمية؛ لأن (وهو) مبتدأ. (أبوه) مبتدأ ثان. (غير) خبر للمبتدأ الثاني. والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول.
ملاحظة: الجملة إذا وقعت خبرًا، فلا بد من رابط يربطها بالمبتدأ، والغالب أن الرابط يكون ضميرًا.
ثم انتقل المؤلف إلى تعريف الخبر، فقال:
وَمَا بِهِ تَمَّ مَعْنَى المُبْتُدَا خَبَرٌ *** كَالشَّأْنِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ صَاحِبُ الدُّوَلِ
(زيد) مبتدأ. والذي تمم المعنى (صاحب الدول) فتكون خبرًا. وكل النسخ الشبراوية: (كالشأن). أي: كالحال، إلا في نسخة الشيخ سليمان الفقيه الشارح ففيها: (كالثاني في نحو زيد). والمراد بالثاني: الخبر. و(الدِّولِ) تقرأ بكسر الدال، وتقرأ بضمها، وبالكسر معناها: النصر على الأعداء في الحرب، جمع دَوْلة بالفتح، وفي القرآن: ﴿ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾(2). أما بالضم (كزيد صاحب الدُّول)، جمع دُولَة، والدُّولَة هي: الغنى وتداول الأموال. وجاء في القرآن: ﴿ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾(3). ذكر هذا صاحب "مختار الصحاح".
(1) الأستاذ المقدم، إمام النحاة وحافظ اللغة، صاحب التصانيف السائرة. جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني. نزيل دمشق. ولد سنة ست مئة أو إحدى وست مئة. أخذ العربية عن غير واحد. وصرف همته إلى إتقان لسان العرب، حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين. وهو حبرها السائرة مصنفاته مسير الشمس، ومقدمها الذي تُصغي له الحواس الخمس. كان إماما في اللغة وحفظ الشواهد وضبطها، إماما في القراءات وعللها. مع الدين المتين والتقوى الراسخة. له مؤلفات جياد؛ منها: "الكافية الشافية"، و"وفاق الاستعمال". توفي في ثانى عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وست مئة. انظر: طبقات الشافعية الكبرى (8/ 67 ترجمة 1078)، وبغية الوعاة (1/ 119 ترجمة 224).
(2) آل عمران: 140.
(3) الحشر: 7.