السخرية في شعر أحمد مطر
د. رائد الزيدي
تعريف بالشاعر
شاعر عراقي من مواليد قرية التنومة إحدى قرى البصرة ولد عام 1958م ظهرت موهبته الشعرية وهو في عمر ال14 سنة وسرعان ما اكتشف الصراع الدائر بين السلطة والشعب فانتهز الفرصة وكتب الأشعار الحماسية المناهضة للسلطة وألقاها في المحافل الشعبية مما اضطره إلى توديع الوطن متوجها إلى الكويت هاربا من مطاردة السلطة عمل في الصحافة في جريدة القبس في الكويت وهو في منتصف العشرينيات التقى الشاعر بالفنان ناجي العلي بعد ان وجد فيه توافقا نفسيا واضحا فكان احمد مطر يبدأ الصحيفة بلافتته في الصفحة الأولى وكان ناجي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة ثم اصدر قرار نفيهما معا وترافقا إلى لندن ومنذ عام 1986م استقر احمد مطر هناك ليمضي الأعوام الطويلة بعيدا عن وطنه .للشاعر مؤلفات هي لافتاته المطرية بسبعة أجزاء والأعمال الشعرية الكاملة .
السخرية
ورد في معجم اللسان : سخر فيه وبه : هزئ به ، وفي الحديث : أتسخر مني وأنا الملك ، والسخرة الضحكة ، ورجل يسخر من الناس قال الفرّاء : يقال سخرت منه ولا يقال سخرت به ، وقد أجاز الاخفش كلا القولين فقال : ( سخرت منه وسخرت به كلاهما ) ، ويبدو ان من الصعوبة تحديد مصطلح السخرية تحديدا جامعا مانعا والسبب في ذلك يعزى إلى حيوية هذا المصطلح ولأنه قابل للتجديد والتطور واختلاط مفهومه مع مفاهيم مصطلحات أخر قريبة منه كالفكاهة والتهكم والهجاء وغيرها .
ان السخرية من أكثر الفنون رقيا وصعوبة ، لما تحتاج من ذكاء وفكر ، وهي لذلك أداة دقيقة وسلاح خطير بأيدي الفلاسفة والكتاب بوجه السياسات الظالمة والمستبدة المتحكمة بمصائر الشعوب فضلا عن أنهم يستعملونها في نقد العادات والتقاليد البالية في المجتمع وأمراضه من جهل وتخلف ونفاق الخ .
وضح القرآن الكريم ان السخرية عمل مكروه اذا كان فيها تطاول واستخفاف وقد نهى الله تعالى عنه اذ قال : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ))(الحجرات: من الآية11) وهذا نهي صريح عن السخرية الجاهلية الاستعلائية ولكنه سبحانه أباح السخرية الهادفة الداعية إلى إصلاح المجتمع اذ قال سبحانه : (( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ)) (هود:38).
وفي هذا المفهوم جاء هذا البحث اليسير لبيان سخرية الشاعر احمد مطر مما يدور في الوطن العربي من انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي الحكام العرب
شغف شاعرنا بحب الوطن – العراق – إذ كان يتألم عندما ينظر الغربيون إلى العربي على انه إرهابي لأنه يدافع عن مستقبل وطنه وأمته يقول :
نعم : أنا إرهابي
الغرب يبكي خيفة
إذا صنعت لعبة
من علبة الثقاب
وهو الذي يصنع لي
من جسدي مشنقة
حبالها أعصابي
والغرب يرتاع إذا
أذعت يوما انه
مزق لي جلبابي
وهو الذي يهيب بي
ان استحي من أدبي
وان أذيع فرحتي
ومنتهى إعجابي
ان مارس اغتصابي .
وظل حب الوطن يرافقه في حله وترحاله وتحمل من اجل هذا الحب المصائب التي ألقت به خارج الوطن يقول :
احبك يا وطني
ضقت على ملامحي
فصرت في قلبي
وكنت لي عقوبة
وإنني لم اقترف سواك من ذنب
يا قاتلي
سامحك الله على صلبي
يا قاتلي
كفاك ان تقتلني
من شدة الحب
السخرية من الحكام
يوجه الشاعر خطابه اللاذع إلى الحكام العرب الذين خضعوا للأجنبي وأصبحوا ينفذون أوامره فيقول :
أنا لو كنت رئيسا عربيا
لحللت المشكلة
وأرحت الشعب مما أثقله
أنا لو كنت رئيسا
لدعوت الرؤساء
ولألقيت خطابا موجزا
مما يعاني شعبنا منه
وعن سر العناء
ولقاطعت جميع الأسئلة
وقرأت البسملة
وعليهم وعلى نفسي
قذفت القنبلة
ويسخر الشاعر ممن تسابقوا على المناصب من دون وجه حق ويصور النفاق السياسي فيقول :
ما أصعب القرار
لو شئت ان اختار
بين حياة القط .. أو
بين حياة الفار
فلا أنا مؤهل
لأن أقود دولة
ولا أنا لي رغبة
في دور مستشار
ويسخر الشاعر من الحكام المرتبطين بالاستعمار وكيف يتوصلون إلى كراسي الحكم بقوله :
بالتمادي
يصبح اللص بأوربا
مديرا للنوادي
وبأمريكا
زعيما للعصابات وأوكار الفساد
وبأوطاني التي
من شرعها قطع الأيادي
يصبح اللص
رئيسا للبلاد.
ويسخر الشاعر من الحكام والقادة الذين يوعدون شعبهم زيفا ولا يواجهون العدو بل يهربون فيقول :
بنينا من ضحايا أمسنا جسرا
وقدمنا ضحايا يومنا نذرا
لنلقى في غد نصرا
ويممنا إلى المسرى
وكدنا نبلغ المسرى
ولكن قام عبد الذات
يدعو قائلا : صبرا
فألقينا بباب الصبر قتلانا
وقلنا : انه أدرى
وبعد الصبر
ألفينا العدا قد حطموا الجسرا
فقمنا نطلب الثأرا
ولكن قام عبد الذات
يدعو قائلا : صبرا
فألقينا بباب الصبر
آلافا من القتلى
وآلافا من الجرحى
وآلافا من الأسرى
وهد الحمل رحم الصبر
حتى لم يطق صبرا
وعبد الذات
لم يرجع لنا من أرضنا شبرا
ولم يضمن لقتلانا بها قبرا
ولم يلق العدا في البحر
بل القى دمانا وامتطى البحرا
فسبحان الذي أسرى
بعبد الذات
من صبرا الى مصرا
وما أسرى به للضفة الأخرى.
ويسخر الشاعر من الحكام الذين يرددون الشعارات وليس لديهم غير السب والشتم ولا شيء غير ذلك فيقول :
بدعة
عند ولاة الأمر
صارت قاعدة
كلهم يشتم أمريكا
وأمريكا
اذا ما نهضوا للشتم
تبقى قاعدة
فإذا ما قعدوا
تنهض أمريكا لتبني
قــاعدة
ويسخر الشاعر من الحكام الذين يهدرون خيرات بلادهم وشعبهم يتضور جوعا فيقول :
آبارنا الشهيدة
تنزف نارا ودما
للأمم البعيدة
ونحن في جوارها
نطعم جوع نارها
الى أن يقول :
حملت شكوى الشعب
في قصيدتي
لحارس العقيدة
وصاحب الجلالة الأكيدة
قلت له :
شعبك يا سيدنا
صار على الحديدة
شعبك يا سيدنا
تهرأت من تحته الحديدة
شعبك يا سيدنا
قد أكل الحديدة
وقبل ان افرغ من
تلاوة القصيدة
رأيته يغرق في أحزانه
ويذرف الدموع
وبعد يوم
صدر القرار في الجريدة
ان تصرف الحكومة الرشيدة
لكل رب أسرة
حديدة جديدة.
السخرية من الأنظمة والقوانين :
يسخر الشاعر من القوانين المزرية والأنظمة العبثية الظالمة التي تسنها الدول او حكامها فيقول :
يشتمني
ويدعي أن سكوتي
معلن عن ضعفه
يلطمني
ويدعي أن فمي
قام بلطم كفه
يطعنني
ويدعي ان دمي لوث
حد سيفه
فأُخرج القانون من متحفه
وأمسح الغبار عن جبينه
اطلب بعض عطفه
لكنه يهرب نحو قاتلي
وينحني في صفه
يقول حبري ودمي
لا تندهش
من يملك القانون في أوطاننا
هو الذي يملك حق عزفه.
ويسخر الشاعر من القوانين التي تصادر حرية الكلمة فتبادر الى قطع الألسنة بغير وجه حق فيقول:
اذكر ذات مرة
ان فمي كان به لسان
وكان ياما كان
يشكو غياب العدل والحرية
ويعلن احتقاره
للشرطة السرية
لكنه حين شكا
أجرى له السلطان
جراحة رسمية
بعدما اثبت بالأدلة القطعية
ان لساني في فمي
زائدة دودية!!
وفي إشارة الى ظلم هذه الأنظمة يرسم الشاعر لنا هذه الصورة فيقول :
باسم والينا المبجل
قرروا شنق الذي اغتال أخي
لكنه كان قصيرا
فمضى الجلاد يسال
رأسه لا يصل الحبل
فماذا سوف افعل
بعد تفكير عميق
أمر الوالي بشنقي
بدلا منه
لأني كنت أطول !!!
ويوضح الشاعر طريقة الأنظمة في تخدير الشعوب فيقول :
كلما حل الظلام
جدتي تروي الأساطير لنا
حتى ننام
جدتي معجبة جدا
بأسلوب النظام!!!
السخرية ممن يحسبون أنهم عرب :
يسخر الشاعر من العربي الذي فقد كرامته وملأه العار فيقول:
في مقلب القمامة
رأيت جثة لها ملامح الأعراب
تجمعت من حولها النسور والدباب
وفوقها علامة
تقول : هذي جيفة
كانت تسمى سابقا كرامة!!!
ويسخر الشاعر من الدول العربية ومن حكوماتها فيقول :
احضر سلة
ضع فيها أربع تسعات
ضع صحفا منحلة
ضع مذياعا
ضع بوقا ، ضع طبلة
ضع شمعا أحمر
ضع حبلا
ضع سكينا
ضع قفلا .. وتذكر قفله
ضع كلبا يعقر بالجملة
يلمح حتى اللا أشياء
ويسمع ضحك النملة
واخلط هذا كله
وتأكد من غلق السلة
ثم اسحب كرسيا واقعد
فلقد صارت عندك دولة!!!
وفي أروع صورة من الصور الساخرة يصف الشاعر جامعة الدول العربية فيقول
في جهة ما
من هذي الكرة الأرضية
قفص عصري لوحوش الغاب
يحرسه جند وحراب
فيه فهود تؤمن بالحرية
وسباع تأكل بالشوكة والسكين
بقايا الأدمغة البشرية
فوق المائدة الثورية
وكلاب بجوار كلاب
أذناب تخبط في الماء على أذناب
وتحني اللحية بالزيت
وتعتمر الكوفية
فيه قرود افريقية
ربطت في أطواق صهيونية
ترقص طول اليوم على الالحان الامريكية
فيه ذئاب
تعبد رب العرش
وتدعوا الأغنام إلى الله
لكي تأكلها في المحراب
فيه غراب
لا يشبه في الأوصاف غراب
ايلولي الريش
يطير بأجنحة ملكية
وله حجم العقرب
لكن له صوت الحية
يلعن فرخ النسر
بكل السبل الإعلامية
ويقاسمه سرا بالأسلاب
ما بين خراب وخراب
فيه نمور جمهورية
وضباع ديمقراطية
وخفافيش دستورية
وذباب ثوري بالمايوهات ((الخاكية))
يتساقط فوق الأعتاب
ويناضل وسط الأكواب
قفص عصري لوحوش الغاب
لايسمح للإنسانية
أن تدخله
فلقد كتبوا فوق الباب
جامعة الدول العربية!!!
ويسخر الشاعر مما وصل إليه العرب من حال مزرية فيقول :
ملك كان على باب السما
يختم أوراق الوفود الزائرة
طالبا من كل آت نبذة مختصرة
عن أراضيه وعمن احضره
قال آت : انأ من تلك الكرة
كنت في طائرة منذ قليل
غير أني
قبل ان يطرف جفني
جئت محمولا هنا فوق شظايا الطائرة
قال آت : أنا من تلك الكرة
منذ ساعات ركبت البحر
لكن جئت محمولا على
متن حريق الباخرة
قال آت : انأ من تلك الكرة
كنت في وسط نقاش اخوي في بلادي
غير أني جئت محمولا على
متن رصاص المجزرة
قال آت : انأ من تلك الكرة
كنت من قبل دقيقة
أتمشى في حديقة
أعجبتني وردة
حاولت أن اقتطفها ..فاقتطفتني
وعلى باب السماوات رمتني
لم أكن اعلم أن الوردة الفيحاء
تغدو عبوة منفجرة
قال آت : أنا من تلك الكرة
اجتياح أجنبي
أنا حرب دائرة
عبوة ناسفة طلقة قناص
كمين
طعنة في الظهر
ثأر
أنا من تلك الكرة
الملاك اهتز مذعورا
وألقى دفتره
أأنا اجلس بالمقلوب
أم أني فقدت الذاكرة
أسال الله الرضا والمغفرة
أن تكن تلك هي الدنيا
فأين الآخرة !!
وعن طريق المفارقة يرى الشاعر ان الوطن العربي محتل على الرغم من انه يتمتع بالاستقلال ولكن شاعرنا يرى أن هذا الاستقلال غير حقيقي فنحن اسرى في أوطاننا وذلك لارتباط الحكام العرب بالأجنبي يقول :
أيها الناس
لماذا تهدر الأنفاس ، في قيل وقال
نحن في أوطاننا أسرى
على أية حال
يستوي الكبش لدينا والغزال
فبلاد العرب قد كانت
وحتى اليوم هذا
لا تزال
تحت نير الاحتلال
من حدود المسجد الأقصى
الى البيت الحلال !!
السخرية من الشعراء :
يوجه الشاعر نقدا مرا وقاسيا الى الشعراء الذين يهادنون السلطة الظالمة الذين يمجدون السلاطين والذين لا يشاركون الشعب همومه وتطلعاته فيقول :
كفرت بالأقلام والدفاتر
كفرت بالفصحى التي
تحبل وهي عاقر
كفرت بالشعر الذي
لا يوقف الظلم ولا يحرك الضمائر
لعنت كل كلمة
لم تنطلق من بعدها مسيرة
لعنت كل شاعر
ينام فوق الجمل الندية الوفيرة
وشعبه ينام في المقابر
لعنت كل شاعر
يغازل الشفاه والأثداء والضفائر
في زمن الكلاب والمخافر
ولايرى فوهة بندقية
حين يرى الشفاه مستجيرة
ولا يرى رمانة ناسفة
حين يرى الأثداء مستديرة
ولا يرى مشنقة
حين يرى الظفيرة
في زمن الآتين للحكم
على دبابة أجيرة
أو ناقة العشيرة
لعنت كل شاعر
لا يقتني قنبلة
كي يكتب القصيدة الأخيرة!!
السخرية من اسرائيل :
يسخر الشاعر من اسرائيل التي يعدها مصدر الفتن والدمار والخراب في اوطاننا فيقول :
اثنان لا سواكما والارض ملك لكما
لو سار كل منكما بخطوه الطويل
لما التقت خطاكما الا خلال جيل
فكيف ضاقت بكما فكنتما القاتل والقتيل
قابيل يا قابيل
لو لم يجيء ذكركما في محكم التنزيل
لقلت مستحيل
من زرع الفتنة ما بينكما
ولم تكن
في الأرض إسرائيل!!!
السخرية من امريكا :
ويسخر الشاعر ايضا من أمريكا التي لاتقل شأنا عن سابقتها بالدمار وخراب الدول وإثارة الفتن فيها ويلعن كرهه لها لانها سبب زرع الطغاة بارضنا وهي الطغيان والاستعمار بعينه فيقول :
أنا ضد أمريكا إلى أن تنقضي
هذي الحياة، و يوضع الميزان
انا ضدها حتى و أن رق الحصى
يوما،و سال الصوان
بغضي لأمريكا لو الأكوان
ضمت بعضه لانهارت الأكوان
من غيرها زرع الطغاة بأرضنا
وبمن سواها أثمر الطغيان
حبكت فصول المسرحية حبكة
يعيا بها المتمرس الفنان
هذا يكر، وذا يفر، وذا بهذا
يستجير، ويبدأ الغليان
حتى إذا انقشع الدخان مضى لنا
جرح، وحل محله سرطان !
مما تقدم نخلص إلى القول : إن شاعرنا شق طريقه في الحياة والإبداع بإرادة صلبة تحدى الفقر والنفي والتشريد بحثا عن ملجأ ومهرب من قبضة السلطة وكان الوطن في قلبه ووجدانه أينما رحل عانى الشعر غربة مريرة وبعد عن الوطن وعاش حياة فيها ضياع ولكنه واجه أو حاول أن يواجه ذلك بالرفض والتحدي بجرأته فكانت السخرية من الواقع شعاره ، بموسيقى تتفق مع الحدث وتنبع منه بتلقائية سيطر عليها بحرا الرجز والكامل بهدوئهما وجمال موسيقاهما فضلا عن تدفق آهات الشاعر التي تفرض عليه النثرية أحيانا لان ألامه كبيرة لا تستوعبها حدود التفعيلة فكانت هموم شاعرنا هي هموم الوطن .
ان من أهم الأسباب التي تجعل الشاعر يسخر من عيوب ونواقص مجتمعه هو شعوره بالحيف والظلم في مجتمع مضطرب فقدت فيه العدالة الاجتماعية اذ ان فقدان العدالة ينتج مجتمعا يسوده قانون الغاب .
ان مهارة احمد مطر وموهبته أعطت القصيدة دفقا جديدا ولونا مميزا في ساحة الأدب العربي المعاصر .فالسخرية تمثل لدى شاعرنا براعة ولعبة ذكية لا يجيد استعمالها إلا الأذكياء المبدعون ، لذا فان براعته في السخرية شكلت حقيقة تميزه عن غيره من شعراء العربية المعاصرين لان شاعرنا وظفها بوعي خدمة لبناء نص عربي جديد حتى ان السخرية شكلت طابعا مميزا لإعماله الشعرية وصارت علامة يمكن أن يلمسها القارئ لشعره .
د. رائد الزيدي
تعريف بالشاعر
شاعر عراقي من مواليد قرية التنومة إحدى قرى البصرة ولد عام 1958م ظهرت موهبته الشعرية وهو في عمر ال14 سنة وسرعان ما اكتشف الصراع الدائر بين السلطة والشعب فانتهز الفرصة وكتب الأشعار الحماسية المناهضة للسلطة وألقاها في المحافل الشعبية مما اضطره إلى توديع الوطن متوجها إلى الكويت هاربا من مطاردة السلطة عمل في الصحافة في جريدة القبس في الكويت وهو في منتصف العشرينيات التقى الشاعر بالفنان ناجي العلي بعد ان وجد فيه توافقا نفسيا واضحا فكان احمد مطر يبدأ الصحيفة بلافتته في الصفحة الأولى وكان ناجي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة ثم اصدر قرار نفيهما معا وترافقا إلى لندن ومنذ عام 1986م استقر احمد مطر هناك ليمضي الأعوام الطويلة بعيدا عن وطنه .للشاعر مؤلفات هي لافتاته المطرية بسبعة أجزاء والأعمال الشعرية الكاملة .
السخرية
ورد في معجم اللسان : سخر فيه وبه : هزئ به ، وفي الحديث : أتسخر مني وأنا الملك ، والسخرة الضحكة ، ورجل يسخر من الناس قال الفرّاء : يقال سخرت منه ولا يقال سخرت به ، وقد أجاز الاخفش كلا القولين فقال : ( سخرت منه وسخرت به كلاهما ) ، ويبدو ان من الصعوبة تحديد مصطلح السخرية تحديدا جامعا مانعا والسبب في ذلك يعزى إلى حيوية هذا المصطلح ولأنه قابل للتجديد والتطور واختلاط مفهومه مع مفاهيم مصطلحات أخر قريبة منه كالفكاهة والتهكم والهجاء وغيرها .
ان السخرية من أكثر الفنون رقيا وصعوبة ، لما تحتاج من ذكاء وفكر ، وهي لذلك أداة دقيقة وسلاح خطير بأيدي الفلاسفة والكتاب بوجه السياسات الظالمة والمستبدة المتحكمة بمصائر الشعوب فضلا عن أنهم يستعملونها في نقد العادات والتقاليد البالية في المجتمع وأمراضه من جهل وتخلف ونفاق الخ .
وضح القرآن الكريم ان السخرية عمل مكروه اذا كان فيها تطاول واستخفاف وقد نهى الله تعالى عنه اذ قال : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ))(الحجرات: من الآية11) وهذا نهي صريح عن السخرية الجاهلية الاستعلائية ولكنه سبحانه أباح السخرية الهادفة الداعية إلى إصلاح المجتمع اذ قال سبحانه : (( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ)) (هود:38).
وفي هذا المفهوم جاء هذا البحث اليسير لبيان سخرية الشاعر احمد مطر مما يدور في الوطن العربي من انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي الحكام العرب
شغف شاعرنا بحب الوطن – العراق – إذ كان يتألم عندما ينظر الغربيون إلى العربي على انه إرهابي لأنه يدافع عن مستقبل وطنه وأمته يقول :
نعم : أنا إرهابي
الغرب يبكي خيفة
إذا صنعت لعبة
من علبة الثقاب
وهو الذي يصنع لي
من جسدي مشنقة
حبالها أعصابي
والغرب يرتاع إذا
أذعت يوما انه
مزق لي جلبابي
وهو الذي يهيب بي
ان استحي من أدبي
وان أذيع فرحتي
ومنتهى إعجابي
ان مارس اغتصابي .
وظل حب الوطن يرافقه في حله وترحاله وتحمل من اجل هذا الحب المصائب التي ألقت به خارج الوطن يقول :
احبك يا وطني
ضقت على ملامحي
فصرت في قلبي
وكنت لي عقوبة
وإنني لم اقترف سواك من ذنب
يا قاتلي
سامحك الله على صلبي
يا قاتلي
كفاك ان تقتلني
من شدة الحب
السخرية من الحكام
يوجه الشاعر خطابه اللاذع إلى الحكام العرب الذين خضعوا للأجنبي وأصبحوا ينفذون أوامره فيقول :
أنا لو كنت رئيسا عربيا
لحللت المشكلة
وأرحت الشعب مما أثقله
أنا لو كنت رئيسا
لدعوت الرؤساء
ولألقيت خطابا موجزا
مما يعاني شعبنا منه
وعن سر العناء
ولقاطعت جميع الأسئلة
وقرأت البسملة
وعليهم وعلى نفسي
قذفت القنبلة
ويسخر الشاعر ممن تسابقوا على المناصب من دون وجه حق ويصور النفاق السياسي فيقول :
ما أصعب القرار
لو شئت ان اختار
بين حياة القط .. أو
بين حياة الفار
فلا أنا مؤهل
لأن أقود دولة
ولا أنا لي رغبة
في دور مستشار
ويسخر الشاعر من الحكام المرتبطين بالاستعمار وكيف يتوصلون إلى كراسي الحكم بقوله :
بالتمادي
يصبح اللص بأوربا
مديرا للنوادي
وبأمريكا
زعيما للعصابات وأوكار الفساد
وبأوطاني التي
من شرعها قطع الأيادي
يصبح اللص
رئيسا للبلاد.
ويسخر الشاعر من الحكام والقادة الذين يوعدون شعبهم زيفا ولا يواجهون العدو بل يهربون فيقول :
بنينا من ضحايا أمسنا جسرا
وقدمنا ضحايا يومنا نذرا
لنلقى في غد نصرا
ويممنا إلى المسرى
وكدنا نبلغ المسرى
ولكن قام عبد الذات
يدعو قائلا : صبرا
فألقينا بباب الصبر قتلانا
وقلنا : انه أدرى
وبعد الصبر
ألفينا العدا قد حطموا الجسرا
فقمنا نطلب الثأرا
ولكن قام عبد الذات
يدعو قائلا : صبرا
فألقينا بباب الصبر
آلافا من القتلى
وآلافا من الجرحى
وآلافا من الأسرى
وهد الحمل رحم الصبر
حتى لم يطق صبرا
وعبد الذات
لم يرجع لنا من أرضنا شبرا
ولم يضمن لقتلانا بها قبرا
ولم يلق العدا في البحر
بل القى دمانا وامتطى البحرا
فسبحان الذي أسرى
بعبد الذات
من صبرا الى مصرا
وما أسرى به للضفة الأخرى.
ويسخر الشاعر من الحكام الذين يرددون الشعارات وليس لديهم غير السب والشتم ولا شيء غير ذلك فيقول :
بدعة
عند ولاة الأمر
صارت قاعدة
كلهم يشتم أمريكا
وأمريكا
اذا ما نهضوا للشتم
تبقى قاعدة
فإذا ما قعدوا
تنهض أمريكا لتبني
قــاعدة
ويسخر الشاعر من الحكام الذين يهدرون خيرات بلادهم وشعبهم يتضور جوعا فيقول :
آبارنا الشهيدة
تنزف نارا ودما
للأمم البعيدة
ونحن في جوارها
نطعم جوع نارها
الى أن يقول :
حملت شكوى الشعب
في قصيدتي
لحارس العقيدة
وصاحب الجلالة الأكيدة
قلت له :
شعبك يا سيدنا
صار على الحديدة
شعبك يا سيدنا
تهرأت من تحته الحديدة
شعبك يا سيدنا
قد أكل الحديدة
وقبل ان افرغ من
تلاوة القصيدة
رأيته يغرق في أحزانه
ويذرف الدموع
وبعد يوم
صدر القرار في الجريدة
ان تصرف الحكومة الرشيدة
لكل رب أسرة
حديدة جديدة.
السخرية من الأنظمة والقوانين :
يسخر الشاعر من القوانين المزرية والأنظمة العبثية الظالمة التي تسنها الدول او حكامها فيقول :
يشتمني
ويدعي أن سكوتي
معلن عن ضعفه
يلطمني
ويدعي أن فمي
قام بلطم كفه
يطعنني
ويدعي ان دمي لوث
حد سيفه
فأُخرج القانون من متحفه
وأمسح الغبار عن جبينه
اطلب بعض عطفه
لكنه يهرب نحو قاتلي
وينحني في صفه
يقول حبري ودمي
لا تندهش
من يملك القانون في أوطاننا
هو الذي يملك حق عزفه.
ويسخر الشاعر من القوانين التي تصادر حرية الكلمة فتبادر الى قطع الألسنة بغير وجه حق فيقول:
اذكر ذات مرة
ان فمي كان به لسان
وكان ياما كان
يشكو غياب العدل والحرية
ويعلن احتقاره
للشرطة السرية
لكنه حين شكا
أجرى له السلطان
جراحة رسمية
بعدما اثبت بالأدلة القطعية
ان لساني في فمي
زائدة دودية!!
وفي إشارة الى ظلم هذه الأنظمة يرسم الشاعر لنا هذه الصورة فيقول :
باسم والينا المبجل
قرروا شنق الذي اغتال أخي
لكنه كان قصيرا
فمضى الجلاد يسال
رأسه لا يصل الحبل
فماذا سوف افعل
بعد تفكير عميق
أمر الوالي بشنقي
بدلا منه
لأني كنت أطول !!!
ويوضح الشاعر طريقة الأنظمة في تخدير الشعوب فيقول :
كلما حل الظلام
جدتي تروي الأساطير لنا
حتى ننام
جدتي معجبة جدا
بأسلوب النظام!!!
السخرية ممن يحسبون أنهم عرب :
يسخر الشاعر من العربي الذي فقد كرامته وملأه العار فيقول:
في مقلب القمامة
رأيت جثة لها ملامح الأعراب
تجمعت من حولها النسور والدباب
وفوقها علامة
تقول : هذي جيفة
كانت تسمى سابقا كرامة!!!
ويسخر الشاعر من الدول العربية ومن حكوماتها فيقول :
احضر سلة
ضع فيها أربع تسعات
ضع صحفا منحلة
ضع مذياعا
ضع بوقا ، ضع طبلة
ضع شمعا أحمر
ضع حبلا
ضع سكينا
ضع قفلا .. وتذكر قفله
ضع كلبا يعقر بالجملة
يلمح حتى اللا أشياء
ويسمع ضحك النملة
واخلط هذا كله
وتأكد من غلق السلة
ثم اسحب كرسيا واقعد
فلقد صارت عندك دولة!!!
وفي أروع صورة من الصور الساخرة يصف الشاعر جامعة الدول العربية فيقول
في جهة ما
من هذي الكرة الأرضية
قفص عصري لوحوش الغاب
يحرسه جند وحراب
فيه فهود تؤمن بالحرية
وسباع تأكل بالشوكة والسكين
بقايا الأدمغة البشرية
فوق المائدة الثورية
وكلاب بجوار كلاب
أذناب تخبط في الماء على أذناب
وتحني اللحية بالزيت
وتعتمر الكوفية
فيه قرود افريقية
ربطت في أطواق صهيونية
ترقص طول اليوم على الالحان الامريكية
فيه ذئاب
تعبد رب العرش
وتدعوا الأغنام إلى الله
لكي تأكلها في المحراب
فيه غراب
لا يشبه في الأوصاف غراب
ايلولي الريش
يطير بأجنحة ملكية
وله حجم العقرب
لكن له صوت الحية
يلعن فرخ النسر
بكل السبل الإعلامية
ويقاسمه سرا بالأسلاب
ما بين خراب وخراب
فيه نمور جمهورية
وضباع ديمقراطية
وخفافيش دستورية
وذباب ثوري بالمايوهات ((الخاكية))
يتساقط فوق الأعتاب
ويناضل وسط الأكواب
قفص عصري لوحوش الغاب
لايسمح للإنسانية
أن تدخله
فلقد كتبوا فوق الباب
جامعة الدول العربية!!!
ويسخر الشاعر مما وصل إليه العرب من حال مزرية فيقول :
ملك كان على باب السما
يختم أوراق الوفود الزائرة
طالبا من كل آت نبذة مختصرة
عن أراضيه وعمن احضره
قال آت : انأ من تلك الكرة
كنت في طائرة منذ قليل
غير أني
قبل ان يطرف جفني
جئت محمولا هنا فوق شظايا الطائرة
قال آت : أنا من تلك الكرة
منذ ساعات ركبت البحر
لكن جئت محمولا على
متن حريق الباخرة
قال آت : انأ من تلك الكرة
كنت في وسط نقاش اخوي في بلادي
غير أني جئت محمولا على
متن رصاص المجزرة
قال آت : انأ من تلك الكرة
كنت من قبل دقيقة
أتمشى في حديقة
أعجبتني وردة
حاولت أن اقتطفها ..فاقتطفتني
وعلى باب السماوات رمتني
لم أكن اعلم أن الوردة الفيحاء
تغدو عبوة منفجرة
قال آت : أنا من تلك الكرة
اجتياح أجنبي
أنا حرب دائرة
عبوة ناسفة طلقة قناص
كمين
طعنة في الظهر
ثأر
أنا من تلك الكرة
الملاك اهتز مذعورا
وألقى دفتره
أأنا اجلس بالمقلوب
أم أني فقدت الذاكرة
أسال الله الرضا والمغفرة
أن تكن تلك هي الدنيا
فأين الآخرة !!
وعن طريق المفارقة يرى الشاعر ان الوطن العربي محتل على الرغم من انه يتمتع بالاستقلال ولكن شاعرنا يرى أن هذا الاستقلال غير حقيقي فنحن اسرى في أوطاننا وذلك لارتباط الحكام العرب بالأجنبي يقول :
أيها الناس
لماذا تهدر الأنفاس ، في قيل وقال
نحن في أوطاننا أسرى
على أية حال
يستوي الكبش لدينا والغزال
فبلاد العرب قد كانت
وحتى اليوم هذا
لا تزال
تحت نير الاحتلال
من حدود المسجد الأقصى
الى البيت الحلال !!
السخرية من الشعراء :
يوجه الشاعر نقدا مرا وقاسيا الى الشعراء الذين يهادنون السلطة الظالمة الذين يمجدون السلاطين والذين لا يشاركون الشعب همومه وتطلعاته فيقول :
كفرت بالأقلام والدفاتر
كفرت بالفصحى التي
تحبل وهي عاقر
كفرت بالشعر الذي
لا يوقف الظلم ولا يحرك الضمائر
لعنت كل كلمة
لم تنطلق من بعدها مسيرة
لعنت كل شاعر
ينام فوق الجمل الندية الوفيرة
وشعبه ينام في المقابر
لعنت كل شاعر
يغازل الشفاه والأثداء والضفائر
في زمن الكلاب والمخافر
ولايرى فوهة بندقية
حين يرى الشفاه مستجيرة
ولا يرى رمانة ناسفة
حين يرى الأثداء مستديرة
ولا يرى مشنقة
حين يرى الظفيرة
في زمن الآتين للحكم
على دبابة أجيرة
أو ناقة العشيرة
لعنت كل شاعر
لا يقتني قنبلة
كي يكتب القصيدة الأخيرة!!
السخرية من اسرائيل :
يسخر الشاعر من اسرائيل التي يعدها مصدر الفتن والدمار والخراب في اوطاننا فيقول :
اثنان لا سواكما والارض ملك لكما
لو سار كل منكما بخطوه الطويل
لما التقت خطاكما الا خلال جيل
فكيف ضاقت بكما فكنتما القاتل والقتيل
قابيل يا قابيل
لو لم يجيء ذكركما في محكم التنزيل
لقلت مستحيل
من زرع الفتنة ما بينكما
ولم تكن
في الأرض إسرائيل!!!
السخرية من امريكا :
ويسخر الشاعر ايضا من أمريكا التي لاتقل شأنا عن سابقتها بالدمار وخراب الدول وإثارة الفتن فيها ويلعن كرهه لها لانها سبب زرع الطغاة بارضنا وهي الطغيان والاستعمار بعينه فيقول :
أنا ضد أمريكا إلى أن تنقضي
هذي الحياة، و يوضع الميزان
انا ضدها حتى و أن رق الحصى
يوما،و سال الصوان
بغضي لأمريكا لو الأكوان
ضمت بعضه لانهارت الأكوان
من غيرها زرع الطغاة بأرضنا
وبمن سواها أثمر الطغيان
حبكت فصول المسرحية حبكة
يعيا بها المتمرس الفنان
هذا يكر، وذا يفر، وذا بهذا
يستجير، ويبدأ الغليان
حتى إذا انقشع الدخان مضى لنا
جرح، وحل محله سرطان !
مما تقدم نخلص إلى القول : إن شاعرنا شق طريقه في الحياة والإبداع بإرادة صلبة تحدى الفقر والنفي والتشريد بحثا عن ملجأ ومهرب من قبضة السلطة وكان الوطن في قلبه ووجدانه أينما رحل عانى الشعر غربة مريرة وبعد عن الوطن وعاش حياة فيها ضياع ولكنه واجه أو حاول أن يواجه ذلك بالرفض والتحدي بجرأته فكانت السخرية من الواقع شعاره ، بموسيقى تتفق مع الحدث وتنبع منه بتلقائية سيطر عليها بحرا الرجز والكامل بهدوئهما وجمال موسيقاهما فضلا عن تدفق آهات الشاعر التي تفرض عليه النثرية أحيانا لان ألامه كبيرة لا تستوعبها حدود التفعيلة فكانت هموم شاعرنا هي هموم الوطن .
ان من أهم الأسباب التي تجعل الشاعر يسخر من عيوب ونواقص مجتمعه هو شعوره بالحيف والظلم في مجتمع مضطرب فقدت فيه العدالة الاجتماعية اذ ان فقدان العدالة ينتج مجتمعا يسوده قانون الغاب .
ان مهارة احمد مطر وموهبته أعطت القصيدة دفقا جديدا ولونا مميزا في ساحة الأدب العربي المعاصر .فالسخرية تمثل لدى شاعرنا براعة ولعبة ذكية لا يجيد استعمالها إلا الأذكياء المبدعون ، لذا فان براعته في السخرية شكلت حقيقة تميزه عن غيره من شعراء العربية المعاصرين لان شاعرنا وظفها بوعي خدمة لبناء نص عربي جديد حتى ان السخرية شكلت طابعا مميزا لإعماله الشعرية وصارت علامة يمكن أن يلمسها القارئ لشعره .