اسم الفاعل
تعريفـه :
اسم مشتق من الفعل المبني للمعلوم للدلالة على وصف من فعل الفعل على وجه الحدوث .
مثل : كتب – كاتب ، جلس – جالس ، اجتهد – مُجتهد ، استمع – مُستمع .
صوغه : يصاغ اسم الفاعل على النحو التالي :
1 ـ من الفعل الثلاثي على وزن فاعل :
نحو : ضرب - ضارب ، وقف - واقف ، أخذ - آخذ ، قال - قائل ، بغى - باغ ، أتى - آت ، رمى - رام ، وقى - واق .
ومنه قوله تعالى : { رب اجعل هذا البلد آمناً } 126 البقرة .
وقوله تعالى : { ربنا ما خلقت هذا باطلاً } 191 آل عمران .
فإن كان الفعل معتل الوسط بالألف " أجوف " تقلب ألفه همزة مثل : قال – قائل ، نام – نائم .
ومنه قوله تعالى : { وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } 19 الذاريات .
أما إذا كان معتل الوسط بالواو أو بالياء فلا تتغير عينه في اسم الفاعل .
مثل : حول – حاول ، حيد – حايد .
وإن كان الفعل معتل الآخر " ناقصاً " فإن اسم الفاعل ينطبق عليه ما ينطبق على الاسم المنقوص . أي تحذف ياؤه الأخيرة في حالتي الرفع والجر ، وتبقى في حالة النصب .
مثل : هذا رام ، ومررت برام ، ورأيت رامياً .
ومنه قوله تعالى في حالة الرفع : { ما عندكم ينفذ وما عند الله باقٍ } 96 النحل .
وقوله تعالى في حالة الجر : { فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } 173 البقرة .
وقوله تعالى في حالة النصب : { وما كنت ثاوياً في أهل مدين } 45 القصص .
2 ـ من الفعل المزيد :
يصاغ اسم الفاعل من الفعل غير الثلاثي " المزيد " على وزن الفعل المضارع مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة وكسر ما قبل الآخر .
مثل : طمأن – مُطمئِن ، انكسر - مُنكسِر ، استعمل – مُستعمِل .
ومنه قوله تعالى : { ولعبدٌ مُؤمِن خيرٌ من مُشرِك } 221 البقرة .
وقوله تعالى : { السماء مُنفطِرٌ به } 18 الأحزاب .
وقوله تعالى : { اهدنا الصراط المُستقيم } 6 الفاتحة .
عمل اسم الفاعل :
يعمل اسم الفاعل عمل فعله ، فهو يرفع الفاعل إذا كان فعله لازما ، ويرفع الفاعلوينصب المفعول به إذا كان الفعل متعديا .
ويعمل لازما ومتعديا بأحد شرطين :
1 ـ أن يكون معرفا بأل ، سواء اعتمد على نفي أو استفهام ، أم لم يعتمد .
نحو : أقبل الحافظ ودّك ، والشاكر نعمتك ، وحضر المتقن صنعته .
ومنه قوله تعالى { والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة } 162 النساء .
وقوله تعالى : { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس } 34 آل عمران .
ومنه قول تميم بن أبي مقبل :
يا عين بكّي حنيفا راس حيّهم الكاسرين القنا في عورة الدبر
2 ـ إذا لم يكن معرفا بال عمل بشرطين :
أ ـ أن يدل على الحال ، أو الاستقبال لا للماضي .
ب ـ أن يعتمد على استفهام ، أو نفي ، أو مبتدأ ، أو موصوف ، أو حال .
أما دلالة اسم الفاعل على الحال أو الاستقبال تكون على النحو التالي :
مثال دلالته على الحال : القاطرة نازل ركابها .
ولا يجوز أن نقول : محمد شاكر معلمه أمس .
ومنه قوله تعالى : { فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك } 12 هود .
إلا إذا دخلت على اسم الفاعل " أل " .
نحو : جاء الشاكر معلمه أمس .
ومثال دلالته على الاستقبال : محمد محضر الواجب ، حافظ القصيدة غدا .
ومنه قوله تعالى : { فالمالئون منها البطون } 53 الواقعة .
وقوله تعالى : { ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئا } 33 لقمان .
أما اعتماده على استفهام فنحو :
أمقدر أنت قيمة الأمانة ، وهل كاتب الطالب الدرس .
ومنه قول الشاعر :
أقاطنٌ قوم سلمى أم نووا ضعنا أن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا
ومنه قول الآخر :
" أمنجز أنت وعدا وثقتُ به "
واعتماده على نفي نحو : ما شاكر أخوك المحسن إليه ، وما قادم أخي من السفر .
ومنه قوله تعالى : { ولا آمين البيت الحرام } 2 المائدة .
ومثال المبتدأ ، وما أصله مبتدأ : الحقُ قاطعُ سيفُهُ الباطلَ .
ومنه قوله تعالى : { والله مخرج ما كنتم تكتمون } 73 البقرة .
ومثال المعتمد على ما أصله المبتدأ : إن محمدا شاكر أخاك .
ومنه قوله تعالى : { ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون } 32 النمل .
وقوله تعالى : { إني جاعل في الأرض خليفة } 30 البقرة .
ومنه قول امرئ القيس :
إني بحبلكَ واصل حبلي وبريش نَبلك رائش نَبلي
ومنه قول الأحوص الرياحي :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعيا إلا ببين غرابها
ومثال المعتمد على الموصوف : أقبل رجلٌ متوشحٌ سيفَهُ .
ومنه قوله تعالى : { يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه } 69 النحل .
ومثال اسم الفاعل الواقع حالا : أقبل علي متهللا وجهه .
ومنه قوله تعالى : { وادعوه مخلصين له الدين } 29 الأعراف .
فـوائـد وتنبيهات :
1 ـ يستعمل اسم الفاعل مفرداً ومثنى وجمعاً ، مذكراً ومؤنثاً .
مثال المفرد المذكر قوله تعالى : { فإن أجل الله لآت } 5 العنكبوت .
ومثال المفرد المؤنث قوله تعالى : { وإن الساعة لآتية } 85 الحجر .
ومثال المثنى المذكر قوله تعالى : { وسخر لكم الشمس والقمر دائبين } 33 إبراهيم .
ومثال المثنى المؤنث قوله تعالى : { وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا } 9 الحجرات .
ومثال الجمع المذكر قوله تعالى : { قال لا أحب الآفلين } 76 الأنعام .
ومثال جمع المؤنث قوله تعالى : { والباقيات الصالحات خير عند ربك } 46 الكهف .
2 ـ إن كان الحرف الذي قبل الآخر في الفعل المزيد ألفاً فإنه يبقى كما هو في اسم الفاعل .
مثل : انحاز منحاز ، اختار مختار ، احتار محتار ، انقاد منقاد .
أما الوزن فلا يتغير وهو " مُفتعِل " لأن أصل الأفعال السابقة كالآتي :
انحاز ينحيز ، اختار يختير . . . وهكذا ، فالكسر فيها مقدر فكأننا قلنا : منحيز ومختير .
3 ـ ورد اسم الفاعل من بعض الأفعال المزيدة على غير القياس .
مثل : احصن – مُحصَن ، واسهب – مُسهَب ، وانبثَّ – مُنبَث . وذلك بفتح ما قبل الآخر .
ومنه قوله تعالى : { فكانت هباءً مُنبَثاً } 6 الواقعة ، والأصل فيها الكسر .
4 ـ كما ورد اسم الفاعل من بعض الأفعال المزيدة على وزن فاعل شذوذاً .
مثل : أينع يانع ، أمحل ماحل ، أيفع يافع ، أورد وارد ، أصدر صادر .
ومنه قول الشاعر :
ثم أصدرناهما في وارد صادر وَهْمٍ ، صُوَاه قد مَثَلْ (1 )
والأصل في أسماء الفاعلين السابقة : مُينع ، مُمحل ، مُورد ، مُصدِر ، لكن المسموع منها أفضل من المقيس .
5 ـ قد يضاف اسم الفاعل المتصل بأل الموصولة .
نحو : وصل المنقذُ الطفلِ من الغرق .
وقد شبه العرب هذا التعبير بقولهم : جاء الحسن الوجهِ .
وإن كان ليس مثله في المعنى .
ومثال مجيء اسم الفاعل المعرف بال المضاف إلى معموله قول المرار الأسدي :
أنا ابن التارك البكري بشر عليه الطير ترقبه وقوعا
فالبكري مفعول به للتارك ، واضيف إليه تخفبفا .
ومنه قول الأعشى :
الواهبُ المائةِ الهجانِ وعبدِها عُوذا ترجي بينها أطفالها
6 ـ يجوز أن يكون الاستفهام والنفي والمبتدأ والموصوف مقدرا ، وهو كالملفوظ به .
نحو : واصل أخوك أصدقاءه أم قاطعهم .
فاسم الفاعل واصل معتمد على استفهام مقدر بدليل وجود أم المتصلة ، لأنها لا تأتي إلا في سياق الاستفهام ، وأصل الكلام أواصل أخوك . . .ألخ .
ومثال المعتمد على وصف محذوف قول الأعشى :
كناطحٍ صخرةً يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
7 ـ ذكر بعض النحويين أن من شروط عمل اسم الفاعل المجرد من " أل "
ألا يكون مصغرا ولا موصوفا لأنهما يختصان بالاسم فيبعدان الوصف عن الشبه بالفعلية .
وقيل المصغر إن لم يحفظ له مكبر جاز عمله كما في قول الشاعر :
" تَرَقرَقُ في الأيدي كُمَيْتٌ عصيرُها "
فقد رفع " عصيرها " بكميت فاعلا له .
8 ـ الثبوت والحدوث في اسم الفاعل :
" والوجه عندنا أن اسم الفاعل بناء ودلالة متلازمان لا يتخلفان ، وأن هذه الدلالة ذات شقين شق يفيد الحدوث ، وشق آخر يفيد الثبوت ، سواء أكان ثبوتا استمراريا لا يمكن انفكاكه :
كطويل الأنف ، وعريض الحواجب ، وواسع الفم .
أم يمكن انفكاكه كحسن الوجه ، ونقي الثغر ، وطاهر العرض .
وسواء أكان ثبوتا استمراريا من غير تخلل : كحسن الوجه ، أم مع التخلل نحو : متقلب الخاطر .
ولا يجوز التعويل على شق دون شق في تقرير حقيقة اسم الفاعل ، ومعنى ذلك " توحيد بابي اسم الفاعل والصفة المشبهة في باب واحد وهو : اسم الفاعل باعتبار أن الصفة المشبهة فرع من فروع اسم الفاعل .
9 ـ اسم الفاعل يطلق ويراد به الحدوث أو الثبوت ، وان الصفة المشبهة تطلق ويراد بها الدلالة على الثبوت غالبا ، والحدوث فيها طارئ كما ينص الاستعمال اللغوي على ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة في اسم الفاعل للإمام أحمد بن قاسم العبادي تحقيق الدكتور محمد حسن عواد ص 20 .
10 ـ إن اسم الفاعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال ، وكان مضافا غير معرف بأل ، فالإضافة فيه أصل لا فرع ، والتنوين غير مقدر فيه ، والدليل على ذلك أنه قرئ بالوجهين بالتنوين والنون وبالإضافة :
قوله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت }1 .
وقوله تعالى : { إن الله بالغ أمره }2 .
وقوله تعالى : { إنما أنت منذر من يخشاها }3 .
وقوله تعالى : { وما كنت متخذا المضلين عضدا }4 .
وقوله تعالى : { إنكم لذائقو العذاب }5 .
ــــــــــــ
1 ـ 185 آل عمران . 2 ـ 3 الطلاق .
3 ـ 145 البقرة . 4 ـ 52 الكهف .
5 ـ 38 الصافات .
11 ـ إن اسم الفاعل إذا أضيف ، وكان دالا على الحال أو الاستقبال ، وكان مجردا من أل هو اسم نكرة توصف به النكرة كما في :
قوله تعالى : { ويحكم به ذوو عدل منكم هديا بالغ الكعبة }1 .
وقوله تعالى : { قالوا هذا عارض ممطرنا }2 .
وقوله تعالى : { فلما رأوه عاراضا مستقبلا أوديتهم }3 .
مع مراعاة إمكان تأويل الآيات تأولا لا يلزم به نعت النكرة بالمعرفة مع الإبقاء على كون اسم الفاعل في الآيات السابقة معرفة (4) .
ـــــــــــــ
1 ، 2 ـ 24 الأحقاف . 3 ـ 185 آل عمران .
4 ـ انظر الحاشية على شرح الفاكهي ج2 ص136، 137 .
12 ـ اختلف النحويون حول عمل اسم الفاعل في الضمير المتصل به يقول سيبويه : " وإذا قلت هم الضاربوك ، وهما الضارباك فالوجه فيه الجر ، لأنك إذا كففت النون من هذه الأسماء في المظهر كان الوجه الجر " .
وقد علق المبرد والرماني على قول سيبويه ، بأنه حمل عمل اسم الفاعل في الضمير على عمله في الاسم الظاهر . وأكد ابن هشام في أوضح المسال ما قال به سيبويه ، فالضمير في قولهم الضاربك يكون منصوبا ، لأن اسم الفاعل معرفا بأل ، وهو مجرور في قولهم ضاربك لأنه تجرد من أل وغير معتمد على نفي أو استفهام وغيرها .
غير أن بعض النحويين المعاصرين يرى أن الضمير المتصل باسم الفاعل يكون في موضع نصب تارة ، وفي موضع جر تارة أخرى دون أن يلزم اتصال اسم الفاعل بأل أو يكون معتمدا ، وذكر بعض مواضع النص في قوله تعالى : { إني جاعلك للناس إماما }1 .
وقوله تعالى : { إنا منجوك وأهلك }2 .
فنصب إمام ، واهلك دليل على نصب الضمير في الآيتين ، ولا يصح تأول النصب بفعل مقدر لأن الأصل عدم التقدير إلا إذا دعت ضرورة ملجئة إليه (3) .
ـــــــــــــــ
1 ـ 97 العنكبوت . 2 ـ 234 البقرة .
3 ـ شرح الكافية ج1 ص 116 .
ومن شواهد مجيء الضمير المتصل باسم الفاعل مجرورا قول الحطيئة :
غيبت كاسيهم في قعر مظلمة فاغفر عليك سلام الله يا عمر
ومما سبق يضح أن الضمير المتصل باسم الفاعل غير محمول على الظاهر من مثل : أنا ضاربٌ زيدا بتنوين ضارب ونصب زيد ، ولا أنا ضاربُ زيد بدون التنوين وجر زيد بالإضافة . لأنه لو كان محمولا على هذا الوجه ، لكان الوجه ثبوت التنوين والنون في اسم الفاعل العامل في الضمير ، كقول الشاعر :
هم القائلون الخير والآمرون به إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما
فالأمر محمول في الجر والنصب على المظهر ، فالجر محمول
على قوله تعالى : { لا الليل سابق النهار } 1 .
في قراءة من قرأ بجر النهار ، وإضافة سابق ، والنصب محمول على قراءة من قرأ سابق بغير تنوين ، ونصب النهار .
ومما سبق نخلص أنه لا مجاراة بين اسم الفاعل والفعل المضارع ، وأن اسم الفاعل وأن اسم الفاعل يعمل عمل اسمه تعديا ولزوما ، وهذا العمل هو وجه الشبه الوحيد بين اسم الفاعل والفعل مع وجود رائحة من معنى الفعل لا المعنى بالكلية .
12 ـ أود السيوطي في الأشباه والنظائر عددا من الفروق بين اسم الفاعل والفعل منها :
1 ـ أن اسم الفاعل مع فاعله يعد من المفردات ، بخلاف الفعل مع فاعله .
2 ـ أن اسم الفاعل يتعدى بنفسه وبحرف الجر خلافا للفعل الذي يمتنع فيه ذلك ، كقوله تعالى : { فعال لما يريد } 2 .
يستثنى من ذلك بعض الأفعال التي سمعت عن العرب بالوجهين ، نحو : سمعه وسمع له ، ونصحه ونصح له ، وشكره وشكر له ، ونحوها .
ونستخلص من الفروق السابقة : عدم حمل اسم الفاعل على الفعل من جهة المطابقة في المعنى ، فضلا عن أن يكون اسم الفاعل العامل فعلا قائما برأسه (3) .
ـــــــــ
1 ـ 40 يس . 2 ـ 16 البروج .
3 ـ رسالة في اسم الفاعل ص 54 .
13 ـ يعمل اسم الفاعل إذا كان بمعنى المضي مجردا من أل والتنوين .
كقوله تعالى : { جاعل الملائكة رسلا } 1 .
نحو قوله تعالى : { وجاعل الليل سكنا } 2 .
14 ـ يضاف اسم الفاعل ، وتكون إضافته محضة على إرادة المضي ، أو إرادة الحال والاستقبال .
مثال الأول قولك : أنا مكرمُ محمدٍ . بمعنى أكرمته .
ومثال الثاني قوله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت } 3 .
ـــــــــــ
1 ـ 1 فاطر . 2 ـ 96 الأنعام .
3 ـ 185 آل عمران .
تعريفـه :
اسم مشتق من الفعل المبني للمعلوم للدلالة على وصف من فعل الفعل على وجه الحدوث .
مثل : كتب – كاتب ، جلس – جالس ، اجتهد – مُجتهد ، استمع – مُستمع .
صوغه : يصاغ اسم الفاعل على النحو التالي :
1 ـ من الفعل الثلاثي على وزن فاعل :
نحو : ضرب - ضارب ، وقف - واقف ، أخذ - آخذ ، قال - قائل ، بغى - باغ ، أتى - آت ، رمى - رام ، وقى - واق .
ومنه قوله تعالى : { رب اجعل هذا البلد آمناً } 126 البقرة .
وقوله تعالى : { ربنا ما خلقت هذا باطلاً } 191 آل عمران .
فإن كان الفعل معتل الوسط بالألف " أجوف " تقلب ألفه همزة مثل : قال – قائل ، نام – نائم .
ومنه قوله تعالى : { وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } 19 الذاريات .
أما إذا كان معتل الوسط بالواو أو بالياء فلا تتغير عينه في اسم الفاعل .
مثل : حول – حاول ، حيد – حايد .
وإن كان الفعل معتل الآخر " ناقصاً " فإن اسم الفاعل ينطبق عليه ما ينطبق على الاسم المنقوص . أي تحذف ياؤه الأخيرة في حالتي الرفع والجر ، وتبقى في حالة النصب .
مثل : هذا رام ، ومررت برام ، ورأيت رامياً .
ومنه قوله تعالى في حالة الرفع : { ما عندكم ينفذ وما عند الله باقٍ } 96 النحل .
وقوله تعالى في حالة الجر : { فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } 173 البقرة .
وقوله تعالى في حالة النصب : { وما كنت ثاوياً في أهل مدين } 45 القصص .
2 ـ من الفعل المزيد :
يصاغ اسم الفاعل من الفعل غير الثلاثي " المزيد " على وزن الفعل المضارع مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة وكسر ما قبل الآخر .
مثل : طمأن – مُطمئِن ، انكسر - مُنكسِر ، استعمل – مُستعمِل .
ومنه قوله تعالى : { ولعبدٌ مُؤمِن خيرٌ من مُشرِك } 221 البقرة .
وقوله تعالى : { السماء مُنفطِرٌ به } 18 الأحزاب .
وقوله تعالى : { اهدنا الصراط المُستقيم } 6 الفاتحة .
عمل اسم الفاعل :
يعمل اسم الفاعل عمل فعله ، فهو يرفع الفاعل إذا كان فعله لازما ، ويرفع الفاعلوينصب المفعول به إذا كان الفعل متعديا .
ويعمل لازما ومتعديا بأحد شرطين :
1 ـ أن يكون معرفا بأل ، سواء اعتمد على نفي أو استفهام ، أم لم يعتمد .
نحو : أقبل الحافظ ودّك ، والشاكر نعمتك ، وحضر المتقن صنعته .
ومنه قوله تعالى { والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة } 162 النساء .
وقوله تعالى : { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس } 34 آل عمران .
ومنه قول تميم بن أبي مقبل :
يا عين بكّي حنيفا راس حيّهم الكاسرين القنا في عورة الدبر
2 ـ إذا لم يكن معرفا بال عمل بشرطين :
أ ـ أن يدل على الحال ، أو الاستقبال لا للماضي .
ب ـ أن يعتمد على استفهام ، أو نفي ، أو مبتدأ ، أو موصوف ، أو حال .
أما دلالة اسم الفاعل على الحال أو الاستقبال تكون على النحو التالي :
مثال دلالته على الحال : القاطرة نازل ركابها .
ولا يجوز أن نقول : محمد شاكر معلمه أمس .
ومنه قوله تعالى : { فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك } 12 هود .
إلا إذا دخلت على اسم الفاعل " أل " .
نحو : جاء الشاكر معلمه أمس .
ومثال دلالته على الاستقبال : محمد محضر الواجب ، حافظ القصيدة غدا .
ومنه قوله تعالى : { فالمالئون منها البطون } 53 الواقعة .
وقوله تعالى : { ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئا } 33 لقمان .
أما اعتماده على استفهام فنحو :
أمقدر أنت قيمة الأمانة ، وهل كاتب الطالب الدرس .
ومنه قول الشاعر :
أقاطنٌ قوم سلمى أم نووا ضعنا أن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا
ومنه قول الآخر :
" أمنجز أنت وعدا وثقتُ به "
واعتماده على نفي نحو : ما شاكر أخوك المحسن إليه ، وما قادم أخي من السفر .
ومنه قوله تعالى : { ولا آمين البيت الحرام } 2 المائدة .
ومثال المبتدأ ، وما أصله مبتدأ : الحقُ قاطعُ سيفُهُ الباطلَ .
ومنه قوله تعالى : { والله مخرج ما كنتم تكتمون } 73 البقرة .
ومثال المعتمد على ما أصله المبتدأ : إن محمدا شاكر أخاك .
ومنه قوله تعالى : { ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون } 32 النمل .
وقوله تعالى : { إني جاعل في الأرض خليفة } 30 البقرة .
ومنه قول امرئ القيس :
إني بحبلكَ واصل حبلي وبريش نَبلك رائش نَبلي
ومنه قول الأحوص الرياحي :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعيا إلا ببين غرابها
ومثال المعتمد على الموصوف : أقبل رجلٌ متوشحٌ سيفَهُ .
ومنه قوله تعالى : { يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه } 69 النحل .
ومثال اسم الفاعل الواقع حالا : أقبل علي متهللا وجهه .
ومنه قوله تعالى : { وادعوه مخلصين له الدين } 29 الأعراف .
فـوائـد وتنبيهات :
1 ـ يستعمل اسم الفاعل مفرداً ومثنى وجمعاً ، مذكراً ومؤنثاً .
مثال المفرد المذكر قوله تعالى : { فإن أجل الله لآت } 5 العنكبوت .
ومثال المفرد المؤنث قوله تعالى : { وإن الساعة لآتية } 85 الحجر .
ومثال المثنى المذكر قوله تعالى : { وسخر لكم الشمس والقمر دائبين } 33 إبراهيم .
ومثال المثنى المؤنث قوله تعالى : { وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا } 9 الحجرات .
ومثال الجمع المذكر قوله تعالى : { قال لا أحب الآفلين } 76 الأنعام .
ومثال جمع المؤنث قوله تعالى : { والباقيات الصالحات خير عند ربك } 46 الكهف .
2 ـ إن كان الحرف الذي قبل الآخر في الفعل المزيد ألفاً فإنه يبقى كما هو في اسم الفاعل .
مثل : انحاز منحاز ، اختار مختار ، احتار محتار ، انقاد منقاد .
أما الوزن فلا يتغير وهو " مُفتعِل " لأن أصل الأفعال السابقة كالآتي :
انحاز ينحيز ، اختار يختير . . . وهكذا ، فالكسر فيها مقدر فكأننا قلنا : منحيز ومختير .
3 ـ ورد اسم الفاعل من بعض الأفعال المزيدة على غير القياس .
مثل : احصن – مُحصَن ، واسهب – مُسهَب ، وانبثَّ – مُنبَث . وذلك بفتح ما قبل الآخر .
ومنه قوله تعالى : { فكانت هباءً مُنبَثاً } 6 الواقعة ، والأصل فيها الكسر .
4 ـ كما ورد اسم الفاعل من بعض الأفعال المزيدة على وزن فاعل شذوذاً .
مثل : أينع يانع ، أمحل ماحل ، أيفع يافع ، أورد وارد ، أصدر صادر .
ومنه قول الشاعر :
ثم أصدرناهما في وارد صادر وَهْمٍ ، صُوَاه قد مَثَلْ (1 )
والأصل في أسماء الفاعلين السابقة : مُينع ، مُمحل ، مُورد ، مُصدِر ، لكن المسموع منها أفضل من المقيس .
5 ـ قد يضاف اسم الفاعل المتصل بأل الموصولة .
نحو : وصل المنقذُ الطفلِ من الغرق .
وقد شبه العرب هذا التعبير بقولهم : جاء الحسن الوجهِ .
وإن كان ليس مثله في المعنى .
ومثال مجيء اسم الفاعل المعرف بال المضاف إلى معموله قول المرار الأسدي :
أنا ابن التارك البكري بشر عليه الطير ترقبه وقوعا
فالبكري مفعول به للتارك ، واضيف إليه تخفبفا .
ومنه قول الأعشى :
الواهبُ المائةِ الهجانِ وعبدِها عُوذا ترجي بينها أطفالها
6 ـ يجوز أن يكون الاستفهام والنفي والمبتدأ والموصوف مقدرا ، وهو كالملفوظ به .
نحو : واصل أخوك أصدقاءه أم قاطعهم .
فاسم الفاعل واصل معتمد على استفهام مقدر بدليل وجود أم المتصلة ، لأنها لا تأتي إلا في سياق الاستفهام ، وأصل الكلام أواصل أخوك . . .ألخ .
ومثال المعتمد على وصف محذوف قول الأعشى :
كناطحٍ صخرةً يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
7 ـ ذكر بعض النحويين أن من شروط عمل اسم الفاعل المجرد من " أل "
ألا يكون مصغرا ولا موصوفا لأنهما يختصان بالاسم فيبعدان الوصف عن الشبه بالفعلية .
وقيل المصغر إن لم يحفظ له مكبر جاز عمله كما في قول الشاعر :
" تَرَقرَقُ في الأيدي كُمَيْتٌ عصيرُها "
فقد رفع " عصيرها " بكميت فاعلا له .
8 ـ الثبوت والحدوث في اسم الفاعل :
" والوجه عندنا أن اسم الفاعل بناء ودلالة متلازمان لا يتخلفان ، وأن هذه الدلالة ذات شقين شق يفيد الحدوث ، وشق آخر يفيد الثبوت ، سواء أكان ثبوتا استمراريا لا يمكن انفكاكه :
كطويل الأنف ، وعريض الحواجب ، وواسع الفم .
أم يمكن انفكاكه كحسن الوجه ، ونقي الثغر ، وطاهر العرض .
وسواء أكان ثبوتا استمراريا من غير تخلل : كحسن الوجه ، أم مع التخلل نحو : متقلب الخاطر .
ولا يجوز التعويل على شق دون شق في تقرير حقيقة اسم الفاعل ، ومعنى ذلك " توحيد بابي اسم الفاعل والصفة المشبهة في باب واحد وهو : اسم الفاعل باعتبار أن الصفة المشبهة فرع من فروع اسم الفاعل .
9 ـ اسم الفاعل يطلق ويراد به الحدوث أو الثبوت ، وان الصفة المشبهة تطلق ويراد بها الدلالة على الثبوت غالبا ، والحدوث فيها طارئ كما ينص الاستعمال اللغوي على ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة في اسم الفاعل للإمام أحمد بن قاسم العبادي تحقيق الدكتور محمد حسن عواد ص 20 .
10 ـ إن اسم الفاعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال ، وكان مضافا غير معرف بأل ، فالإضافة فيه أصل لا فرع ، والتنوين غير مقدر فيه ، والدليل على ذلك أنه قرئ بالوجهين بالتنوين والنون وبالإضافة :
قوله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت }1 .
وقوله تعالى : { إن الله بالغ أمره }2 .
وقوله تعالى : { إنما أنت منذر من يخشاها }3 .
وقوله تعالى : { وما كنت متخذا المضلين عضدا }4 .
وقوله تعالى : { إنكم لذائقو العذاب }5 .
ــــــــــــ
1 ـ 185 آل عمران . 2 ـ 3 الطلاق .
3 ـ 145 البقرة . 4 ـ 52 الكهف .
5 ـ 38 الصافات .
11 ـ إن اسم الفاعل إذا أضيف ، وكان دالا على الحال أو الاستقبال ، وكان مجردا من أل هو اسم نكرة توصف به النكرة كما في :
قوله تعالى : { ويحكم به ذوو عدل منكم هديا بالغ الكعبة }1 .
وقوله تعالى : { قالوا هذا عارض ممطرنا }2 .
وقوله تعالى : { فلما رأوه عاراضا مستقبلا أوديتهم }3 .
مع مراعاة إمكان تأويل الآيات تأولا لا يلزم به نعت النكرة بالمعرفة مع الإبقاء على كون اسم الفاعل في الآيات السابقة معرفة (4) .
ـــــــــــــ
1 ، 2 ـ 24 الأحقاف . 3 ـ 185 آل عمران .
4 ـ انظر الحاشية على شرح الفاكهي ج2 ص136، 137 .
12 ـ اختلف النحويون حول عمل اسم الفاعل في الضمير المتصل به يقول سيبويه : " وإذا قلت هم الضاربوك ، وهما الضارباك فالوجه فيه الجر ، لأنك إذا كففت النون من هذه الأسماء في المظهر كان الوجه الجر " .
وقد علق المبرد والرماني على قول سيبويه ، بأنه حمل عمل اسم الفاعل في الضمير على عمله في الاسم الظاهر . وأكد ابن هشام في أوضح المسال ما قال به سيبويه ، فالضمير في قولهم الضاربك يكون منصوبا ، لأن اسم الفاعل معرفا بأل ، وهو مجرور في قولهم ضاربك لأنه تجرد من أل وغير معتمد على نفي أو استفهام وغيرها .
غير أن بعض النحويين المعاصرين يرى أن الضمير المتصل باسم الفاعل يكون في موضع نصب تارة ، وفي موضع جر تارة أخرى دون أن يلزم اتصال اسم الفاعل بأل أو يكون معتمدا ، وذكر بعض مواضع النص في قوله تعالى : { إني جاعلك للناس إماما }1 .
وقوله تعالى : { إنا منجوك وأهلك }2 .
فنصب إمام ، واهلك دليل على نصب الضمير في الآيتين ، ولا يصح تأول النصب بفعل مقدر لأن الأصل عدم التقدير إلا إذا دعت ضرورة ملجئة إليه (3) .
ـــــــــــــــ
1 ـ 97 العنكبوت . 2 ـ 234 البقرة .
3 ـ شرح الكافية ج1 ص 116 .
ومن شواهد مجيء الضمير المتصل باسم الفاعل مجرورا قول الحطيئة :
غيبت كاسيهم في قعر مظلمة فاغفر عليك سلام الله يا عمر
ومما سبق يضح أن الضمير المتصل باسم الفاعل غير محمول على الظاهر من مثل : أنا ضاربٌ زيدا بتنوين ضارب ونصب زيد ، ولا أنا ضاربُ زيد بدون التنوين وجر زيد بالإضافة . لأنه لو كان محمولا على هذا الوجه ، لكان الوجه ثبوت التنوين والنون في اسم الفاعل العامل في الضمير ، كقول الشاعر :
هم القائلون الخير والآمرون به إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما
فالأمر محمول في الجر والنصب على المظهر ، فالجر محمول
على قوله تعالى : { لا الليل سابق النهار } 1 .
في قراءة من قرأ بجر النهار ، وإضافة سابق ، والنصب محمول على قراءة من قرأ سابق بغير تنوين ، ونصب النهار .
ومما سبق نخلص أنه لا مجاراة بين اسم الفاعل والفعل المضارع ، وأن اسم الفاعل وأن اسم الفاعل يعمل عمل اسمه تعديا ولزوما ، وهذا العمل هو وجه الشبه الوحيد بين اسم الفاعل والفعل مع وجود رائحة من معنى الفعل لا المعنى بالكلية .
12 ـ أود السيوطي في الأشباه والنظائر عددا من الفروق بين اسم الفاعل والفعل منها :
1 ـ أن اسم الفاعل مع فاعله يعد من المفردات ، بخلاف الفعل مع فاعله .
2 ـ أن اسم الفاعل يتعدى بنفسه وبحرف الجر خلافا للفعل الذي يمتنع فيه ذلك ، كقوله تعالى : { فعال لما يريد } 2 .
يستثنى من ذلك بعض الأفعال التي سمعت عن العرب بالوجهين ، نحو : سمعه وسمع له ، ونصحه ونصح له ، وشكره وشكر له ، ونحوها .
ونستخلص من الفروق السابقة : عدم حمل اسم الفاعل على الفعل من جهة المطابقة في المعنى ، فضلا عن أن يكون اسم الفاعل العامل فعلا قائما برأسه (3) .
ـــــــــ
1 ـ 40 يس . 2 ـ 16 البروج .
3 ـ رسالة في اسم الفاعل ص 54 .
13 ـ يعمل اسم الفاعل إذا كان بمعنى المضي مجردا من أل والتنوين .
كقوله تعالى : { جاعل الملائكة رسلا } 1 .
نحو قوله تعالى : { وجاعل الليل سكنا } 2 .
14 ـ يضاف اسم الفاعل ، وتكون إضافته محضة على إرادة المضي ، أو إرادة الحال والاستقبال .
مثال الأول قولك : أنا مكرمُ محمدٍ . بمعنى أكرمته .
ومثال الثاني قوله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت } 3 .
ـــــــــــ
1 ـ 1 فاطر . 2 ـ 96 الأنعام .
3 ـ 185 آل عمران .