التعليم و الثورة المعلوماتية والتكنولوجية :
د. رائد الزيدي
ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بدور التكنولوجيا في عملية التعليم ، ودار جدل كبير حول أهمية التكنولوجيا وأنواعها ، وجدوى الاستعانة بها ، وأفضل الأساليب للإفادة منها في تطوير التعليم ومعالجة مشكلاته ورفع أداء المعلم والطالب ، في محاولة لبلوغ ما نصبوا إليه ومواجهة تحديات العصر ، لأن التعليم ركيزة بناء الأمة والارتقاء بالشعوب وتحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع . ونحن نعيش اليوم عصر التكنولوجيا والمعلومات ، وهما المحرك لآليات التطور في كل جانب من جوانب الحياة . ومن هنا بدأت تكنولوجيا التعليم تعمل على تطبيق المعرفة المنظمة في حل مشكلات تتعلق بالمواقف التدريسية التي تواجهنا .
فتكنولوجيا التعليم تشمل مجالات فرعية لكل منها وظائف معينة وأساليب خاصة لتحقيقها ، ومنها :
( أ ) تطوير التعليم :
وهى العملية التي نتبع بموجبها نظاما خاصا ، نقوم فيه بتحليل الحاجات وتقدير أهميتها وتصل إلى المحتوى الدراسي الذي ينبغى إتقانه لمواجهة هذه الحاجات وتحديد الأهداف الأدائية ، وتصميم أو اختيار المواد التعليمية للوصول إلى تحقيق هذه الأهداف ، ثم تجريب البرنامج المقترح وتعديله في ضوء المعلومات عند نتائج تقويم أداء المتعلم وتحصيله . وتعد عملية إعداد المناهج عملا جماعيا ، لذل يتطلب إعداد المادة التعليمية المحسبة تضافر جهود فريق من المتخصصين يضم المدرس والإداري والمبرمج الفني لضمان جودة المادة التعليمية وتفادى هدر الإمكانات في الجهد والمال والوقت .
ويتطلب تصميم المادة التعليمية تحضير معلوماتها العلمية وصياغتها وتجهيزها وتقسيمها إلى وحدات سهلة الاستيعاب ثم التوصيف المقنن المفصل لجزئياتها وبيان ما يتخلل ذلك العرض من الشرح اللفظي والصور والأشكال البيانية والأسئلة الإختبارية . ويشترك في تصميم المادة أيضا مبرمجو الحاسوب ومختصو اللغة ومراقبو الجودة ، إذ ينبغى أن نعد المادة التعليمية المحوسبة إعدادا يلبى مواصفات الإنتاج الجيد علميا وفنيا ، وأن تستكمل في إعدادها إجراءات الإنتاج المتقن تخطيطا ومراجعة وتصحيحا وإخراجا وإنتاجا .
( ب ) الإدارة التعليمية
وهى البعد الثاني لتكنولوجيا التعليم ، ويقصد به إدارة وظائف وخدمات برامج التكنولوجيا وتطوير التعليم ، ويقصد بالإدارة هنا تطبيق الأسس العلمية ونتائج الأبحاث التي توافرت في مجالات الإدارة والاقتصاد والعلوم الإنسانية والإلكترونيات في تحقيق وظائف هذا المجال على وفق أنظمة ونماذج خاصة فالتعليم بصفة عامة هو عصب تقدم أمم وتخلف أمم أخر ، ولا شك أن الدول المتقدمة تولي التعليم عناية قصوى ليس لتربية العقول السليمة فحسب ، بل وللتأكد من مواكبتها ركب التطور المطرد الذي هو سمة من سمات هذا العصر ، والهدف من التعليم هو تنمية العناصر البشرية ، ويمكن تقسيمها على أربعة أنواع رئيسة من الكوادر هي : الفنيون ، الجامعيون ، الباحثون ، المخططون وصانعو القرار ، وبمكن تطوير هذه الكوادر الأربعة على أساس تخطيط واضح ، تؤخذ فيه الأولويات الإستراتيجية للدولة ، ويتحدد تبعا لذلك الكم المطلوب من العناصر البشرية في كل كادر ، سواء أكان في التعليم الفني أم التعليم الجامعي ، أم التعليم البحثي ، الذي هو امتداد للتعليم الجامعي ، وإعداد المخططين والقادة وهم الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعي والتعليم البحثي ، وبذلك يأتي الطالب بمعلومات راسخة وقدرة على التطبيق والابتكار في مجال تخصصه .
وكان لاختراع الحاسوب أهمية كبيرة في حقلي التربية والتعليم ، حيث يسهم في توسيع أنظمة التربية المستعملة ، ويخلق إمكانات ووسائل تعليم جديدة ، ويساعد على زيادة قدرة الاستيعاب لدى مختلف الأجيال والمراحل التربوية ، ويخلق وسائل إيضاح جديدة في نقل المحاضرات وسماعها وإقامة الندوات وإلقاء المحاضرات وغير ذلك . وتكون المواد التطبيقية سهلة الوضوح والاستيعاب ، ومساعدة للمواد النظرية في شرح الموضوعات المختلفة . وفى الوقت نفسه ستكون وسائل الإيضاح والتقنيات الجديدة في خدمة المعوقين جسديا وفكريا وعصبيا ، وستساهم بشكل علمي وفعال في انخراط هذه الفئات في المجتمع عن طريق نقل المعلومات إليها بطريقة سهلة ، وبمساعدتها على تخطى عقدها النفسية عبر وضع إمكانات الحواسيب في خدمتها . أما على الصعيد العلمي وبخاصة البحث العلمي ، فسيكون باستطاعة العلماء وأساتذة الجامعات من الدول المتطورة ، وحتى الباحثين من الدول النامية ، الإفادة من بنوك المعطيات والمعلومات المحمية طوال قرون من الزمن في الدول المتطورة والاطلاع على الأبحاث الحديثة المتقدمة التي ينتجها العلماء في الدول المتطورة ، وهذا يشكل في حد ذاته خطوة كبيرة إلى الأمام ، تساعد على رفع المستوى العلمي والتكنولوجي للدول النامية . ويعلم الجميع مدى أهمية الاطلاع على البحوث الموجودة والتطورات العلمية والنشرات والموضوعات المكتشفة لتطوير العلوم وتحديثها ، وقد كان العلماء والباحثون في الدول النامية مضطرين للسفر إلى الدول المتطورة والغوص في مكتباتها للحصول على المعلومات العلمية المطلوبة لأبحاثهم ، مع ما يترتب على ذلك من عناء وضياع للوقت وهدر للأموال .
أما الآن ، فقد استطاع العلماء بوساطة الطرق السريعة للمعلومات الإطلاع على كل جديد في أي حقل من الحقول بسرعة فائقة دون أية تكلفة ، بل يكفى أن تسمح الدول الغنية والمسؤولون فيها بتدفق المعلومات على هذه الطرق ، وباتجاه الدول غير المتطورة
والواقع إن الثورة المعلوماتية والتكنولوجية تؤثر في التعليم من ثلاث زوايا :
1- مدرسة المستقبل : إننا بحاجة لمدرسة جديدة ، مدرسة المستقبل ، مدرسة متصلة عضويا بالمجتمع ، وبما حولها من مؤسسات مرتبطة بحياة الناس متصلة بقواعد الإنتاج ، ومتصلة بنبض الرأي العام ، وبمؤسسات الثقافة والإعلام ، ومتصلة بمؤسسات الحكم المحلى ، وتضرب بأنشطتها في أعماق المجتمع وتمتد لكل من يستطيع أن يدلى بدلوه أو يمد يده بالمساعدة في إعادة صياغة عقل الأمة
2- معلم الألفية : نحن نحتاج إلى معلم الألفية الثالثة ، يتغير دوره تغيرا جذريا من خريج مؤسسة كانت تهدف دائما إلى تخريج موظفين وعاملين يعملون في إطار نظم جامدة وخطوطه طولية يلتزمون بقواعد جامدة ، إلى مدرسين يقومون بوظيفة رجال أعمال ومديري مشاريع ومحللين للمشاكل ووسطاء استراتيجيين بين المدرسة والمجتمع ، ومحفزين لأبنائهم ويكتشفون فيهم مواطن النبوغ والعبقرية والموهبة ويقومون بدور الوسيط النشط في العملية التعليمية ، فنحن نريد معلم له من خبراته التربوية وثقافته المتنوعة ومن قاعدته المعرفية العريضة ومن إمكاناته الفكرية المرتفعة والتصور القائم على الإحساس بالمتغيرات ، قادر على مشاركة أبنائه في استكمال استعدادهم للتعامل مع مستقبل مختلف كليه عن حاضر أو ماضي عايشناه ، كل ذلك يقتضى إعداد المعلم تدريبا مختلفا ، وإعداد غير مسبوق وانفتاحا على كل التجارب العالمية ، وتنوعا في الخبرات والقدرات التي يتسلحون بها سواء في إعدادهم في كليات التربية أم معاهد المعلمين.
3- مناهج غير تقليدية : لمسايرة تطور الألفية الثالثة ولتحقيق التنمية في القوى البشرية نحتاج إلى مناهج جديدة تتسم بالمعرفة الكلية بدلا من الاختزال التي تتسم باحتوائها على المعلومات والبحث عنها وتنظيمها وتوظيفها ، وكذلك مناهج مرتبطة بحاجات المجتمع الحقيقية ، ويجب أن تنهض المناهج بمسئولية تمكين أبنائنا من التعامل الذكي مع المتطلبات الحقيقية والمتطورة للمجتمع ، ولا بد أن تكون المناهج عملية و الممارسة فيها الأصل والتجريب هو الأساس والمشاركة في البحث عن المعلومة وتنظيمها وتوظيفها هي الجوهر الحقيقي للعملية التعليمية ، ولا بد أن تكون المناهج في إطار عالمي بمعايير عالمية ، ولا بد أن تكون في إطار مستقبلي ، ولا بد أن تراعى حق الجيل الجديد في الاختيار ، وكذلك لا بد من المرونة في أساليب التعليم ، وتنوع في طبيعة المناهج وطرق التدريس ومرونة في الجدول الدراسي ، ولا بد أن يتغير هدف التعليم من تعليم للجميع إلى التعليم الممتاز .
ينقسم تحديث المدارس تكنولوجيا على مجالين :
المجال الأول : نشر الأجهزة الخاصة بوسائط الاتصال المتعددة وبث قنوات التعليم عن بعد ، وإرسالها وشبكة الانترنت عبر الأقمار الصناعية
والمجال الثاني : في التحديث يكون بزيادة عدد أجهزة الكمبيوتر ، وتدريب الخبراء والمعلمين والعاملين في هذا المجال .
وهناك شكلان للتطوير :
الأول : البدء في اختيار وتحويل بعض المناهج المكتوبة إلى مناهج الكترونية لا يجوز التعامل معها إلا عبر الحاسب الآلي والبرنامج التطبيقي لها على أن يطبق كل ذلك في مدارسنا في وقت واحد والثاني : البدء في تطبيق منهجين أو ثلاثة من المناهج التي سيتم تحويلها إلى تطبيقات الكترونية في عدد محدود من المدارس ومراقبة التجربة لمدة عامين ، ثم التوسع فيها تدريجيا
إن المطلوب ليس مجرد تحسين في المناهج أو تقسيم الكتاب على اثنين أو إضافة بعض الألوان في عملية الطباعة ، وإنما المطلوب إعادة صياغة طريقة التفكير التي يعمل بها النظام التعليمي كله ، أو فلسفة الجامعة والاعتداد بالنماذج الحديثة في العملية التعليمية المطبقة في بلدان ومجتمعات أخر مثل التعليم عن بعد والتعليم المفتوح والدائم والقائم على فكرة النظم والشبكات المتداخلة والتعليم الافتراضي ، وغير ذلك من النماذج التي تتناسب مع ثورة الاتصالات والمعلومات والتقدم المبهر المستمر في تكنولوجيا الحاسبات الآلية .
د. رائد الزيدي
ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بدور التكنولوجيا في عملية التعليم ، ودار جدل كبير حول أهمية التكنولوجيا وأنواعها ، وجدوى الاستعانة بها ، وأفضل الأساليب للإفادة منها في تطوير التعليم ومعالجة مشكلاته ورفع أداء المعلم والطالب ، في محاولة لبلوغ ما نصبوا إليه ومواجهة تحديات العصر ، لأن التعليم ركيزة بناء الأمة والارتقاء بالشعوب وتحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع . ونحن نعيش اليوم عصر التكنولوجيا والمعلومات ، وهما المحرك لآليات التطور في كل جانب من جوانب الحياة . ومن هنا بدأت تكنولوجيا التعليم تعمل على تطبيق المعرفة المنظمة في حل مشكلات تتعلق بالمواقف التدريسية التي تواجهنا .
فتكنولوجيا التعليم تشمل مجالات فرعية لكل منها وظائف معينة وأساليب خاصة لتحقيقها ، ومنها :
( أ ) تطوير التعليم :
وهى العملية التي نتبع بموجبها نظاما خاصا ، نقوم فيه بتحليل الحاجات وتقدير أهميتها وتصل إلى المحتوى الدراسي الذي ينبغى إتقانه لمواجهة هذه الحاجات وتحديد الأهداف الأدائية ، وتصميم أو اختيار المواد التعليمية للوصول إلى تحقيق هذه الأهداف ، ثم تجريب البرنامج المقترح وتعديله في ضوء المعلومات عند نتائج تقويم أداء المتعلم وتحصيله . وتعد عملية إعداد المناهج عملا جماعيا ، لذل يتطلب إعداد المادة التعليمية المحسبة تضافر جهود فريق من المتخصصين يضم المدرس والإداري والمبرمج الفني لضمان جودة المادة التعليمية وتفادى هدر الإمكانات في الجهد والمال والوقت .
ويتطلب تصميم المادة التعليمية تحضير معلوماتها العلمية وصياغتها وتجهيزها وتقسيمها إلى وحدات سهلة الاستيعاب ثم التوصيف المقنن المفصل لجزئياتها وبيان ما يتخلل ذلك العرض من الشرح اللفظي والصور والأشكال البيانية والأسئلة الإختبارية . ويشترك في تصميم المادة أيضا مبرمجو الحاسوب ومختصو اللغة ومراقبو الجودة ، إذ ينبغى أن نعد المادة التعليمية المحوسبة إعدادا يلبى مواصفات الإنتاج الجيد علميا وفنيا ، وأن تستكمل في إعدادها إجراءات الإنتاج المتقن تخطيطا ومراجعة وتصحيحا وإخراجا وإنتاجا .
( ب ) الإدارة التعليمية
وهى البعد الثاني لتكنولوجيا التعليم ، ويقصد به إدارة وظائف وخدمات برامج التكنولوجيا وتطوير التعليم ، ويقصد بالإدارة هنا تطبيق الأسس العلمية ونتائج الأبحاث التي توافرت في مجالات الإدارة والاقتصاد والعلوم الإنسانية والإلكترونيات في تحقيق وظائف هذا المجال على وفق أنظمة ونماذج خاصة فالتعليم بصفة عامة هو عصب تقدم أمم وتخلف أمم أخر ، ولا شك أن الدول المتقدمة تولي التعليم عناية قصوى ليس لتربية العقول السليمة فحسب ، بل وللتأكد من مواكبتها ركب التطور المطرد الذي هو سمة من سمات هذا العصر ، والهدف من التعليم هو تنمية العناصر البشرية ، ويمكن تقسيمها على أربعة أنواع رئيسة من الكوادر هي : الفنيون ، الجامعيون ، الباحثون ، المخططون وصانعو القرار ، وبمكن تطوير هذه الكوادر الأربعة على أساس تخطيط واضح ، تؤخذ فيه الأولويات الإستراتيجية للدولة ، ويتحدد تبعا لذلك الكم المطلوب من العناصر البشرية في كل كادر ، سواء أكان في التعليم الفني أم التعليم الجامعي ، أم التعليم البحثي ، الذي هو امتداد للتعليم الجامعي ، وإعداد المخططين والقادة وهم الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعي والتعليم البحثي ، وبذلك يأتي الطالب بمعلومات راسخة وقدرة على التطبيق والابتكار في مجال تخصصه .
وكان لاختراع الحاسوب أهمية كبيرة في حقلي التربية والتعليم ، حيث يسهم في توسيع أنظمة التربية المستعملة ، ويخلق إمكانات ووسائل تعليم جديدة ، ويساعد على زيادة قدرة الاستيعاب لدى مختلف الأجيال والمراحل التربوية ، ويخلق وسائل إيضاح جديدة في نقل المحاضرات وسماعها وإقامة الندوات وإلقاء المحاضرات وغير ذلك . وتكون المواد التطبيقية سهلة الوضوح والاستيعاب ، ومساعدة للمواد النظرية في شرح الموضوعات المختلفة . وفى الوقت نفسه ستكون وسائل الإيضاح والتقنيات الجديدة في خدمة المعوقين جسديا وفكريا وعصبيا ، وستساهم بشكل علمي وفعال في انخراط هذه الفئات في المجتمع عن طريق نقل المعلومات إليها بطريقة سهلة ، وبمساعدتها على تخطى عقدها النفسية عبر وضع إمكانات الحواسيب في خدمتها . أما على الصعيد العلمي وبخاصة البحث العلمي ، فسيكون باستطاعة العلماء وأساتذة الجامعات من الدول المتطورة ، وحتى الباحثين من الدول النامية ، الإفادة من بنوك المعطيات والمعلومات المحمية طوال قرون من الزمن في الدول المتطورة والاطلاع على الأبحاث الحديثة المتقدمة التي ينتجها العلماء في الدول المتطورة ، وهذا يشكل في حد ذاته خطوة كبيرة إلى الأمام ، تساعد على رفع المستوى العلمي والتكنولوجي للدول النامية . ويعلم الجميع مدى أهمية الاطلاع على البحوث الموجودة والتطورات العلمية والنشرات والموضوعات المكتشفة لتطوير العلوم وتحديثها ، وقد كان العلماء والباحثون في الدول النامية مضطرين للسفر إلى الدول المتطورة والغوص في مكتباتها للحصول على المعلومات العلمية المطلوبة لأبحاثهم ، مع ما يترتب على ذلك من عناء وضياع للوقت وهدر للأموال .
أما الآن ، فقد استطاع العلماء بوساطة الطرق السريعة للمعلومات الإطلاع على كل جديد في أي حقل من الحقول بسرعة فائقة دون أية تكلفة ، بل يكفى أن تسمح الدول الغنية والمسؤولون فيها بتدفق المعلومات على هذه الطرق ، وباتجاه الدول غير المتطورة
والواقع إن الثورة المعلوماتية والتكنولوجية تؤثر في التعليم من ثلاث زوايا :
1- مدرسة المستقبل : إننا بحاجة لمدرسة جديدة ، مدرسة المستقبل ، مدرسة متصلة عضويا بالمجتمع ، وبما حولها من مؤسسات مرتبطة بحياة الناس متصلة بقواعد الإنتاج ، ومتصلة بنبض الرأي العام ، وبمؤسسات الثقافة والإعلام ، ومتصلة بمؤسسات الحكم المحلى ، وتضرب بأنشطتها في أعماق المجتمع وتمتد لكل من يستطيع أن يدلى بدلوه أو يمد يده بالمساعدة في إعادة صياغة عقل الأمة
2- معلم الألفية : نحن نحتاج إلى معلم الألفية الثالثة ، يتغير دوره تغيرا جذريا من خريج مؤسسة كانت تهدف دائما إلى تخريج موظفين وعاملين يعملون في إطار نظم جامدة وخطوطه طولية يلتزمون بقواعد جامدة ، إلى مدرسين يقومون بوظيفة رجال أعمال ومديري مشاريع ومحللين للمشاكل ووسطاء استراتيجيين بين المدرسة والمجتمع ، ومحفزين لأبنائهم ويكتشفون فيهم مواطن النبوغ والعبقرية والموهبة ويقومون بدور الوسيط النشط في العملية التعليمية ، فنحن نريد معلم له من خبراته التربوية وثقافته المتنوعة ومن قاعدته المعرفية العريضة ومن إمكاناته الفكرية المرتفعة والتصور القائم على الإحساس بالمتغيرات ، قادر على مشاركة أبنائه في استكمال استعدادهم للتعامل مع مستقبل مختلف كليه عن حاضر أو ماضي عايشناه ، كل ذلك يقتضى إعداد المعلم تدريبا مختلفا ، وإعداد غير مسبوق وانفتاحا على كل التجارب العالمية ، وتنوعا في الخبرات والقدرات التي يتسلحون بها سواء في إعدادهم في كليات التربية أم معاهد المعلمين.
3- مناهج غير تقليدية : لمسايرة تطور الألفية الثالثة ولتحقيق التنمية في القوى البشرية نحتاج إلى مناهج جديدة تتسم بالمعرفة الكلية بدلا من الاختزال التي تتسم باحتوائها على المعلومات والبحث عنها وتنظيمها وتوظيفها ، وكذلك مناهج مرتبطة بحاجات المجتمع الحقيقية ، ويجب أن تنهض المناهج بمسئولية تمكين أبنائنا من التعامل الذكي مع المتطلبات الحقيقية والمتطورة للمجتمع ، ولا بد أن تكون المناهج عملية و الممارسة فيها الأصل والتجريب هو الأساس والمشاركة في البحث عن المعلومة وتنظيمها وتوظيفها هي الجوهر الحقيقي للعملية التعليمية ، ولا بد أن تكون المناهج في إطار عالمي بمعايير عالمية ، ولا بد أن تكون في إطار مستقبلي ، ولا بد أن تراعى حق الجيل الجديد في الاختيار ، وكذلك لا بد من المرونة في أساليب التعليم ، وتنوع في طبيعة المناهج وطرق التدريس ومرونة في الجدول الدراسي ، ولا بد أن يتغير هدف التعليم من تعليم للجميع إلى التعليم الممتاز .
ينقسم تحديث المدارس تكنولوجيا على مجالين :
المجال الأول : نشر الأجهزة الخاصة بوسائط الاتصال المتعددة وبث قنوات التعليم عن بعد ، وإرسالها وشبكة الانترنت عبر الأقمار الصناعية
والمجال الثاني : في التحديث يكون بزيادة عدد أجهزة الكمبيوتر ، وتدريب الخبراء والمعلمين والعاملين في هذا المجال .
وهناك شكلان للتطوير :
الأول : البدء في اختيار وتحويل بعض المناهج المكتوبة إلى مناهج الكترونية لا يجوز التعامل معها إلا عبر الحاسب الآلي والبرنامج التطبيقي لها على أن يطبق كل ذلك في مدارسنا في وقت واحد والثاني : البدء في تطبيق منهجين أو ثلاثة من المناهج التي سيتم تحويلها إلى تطبيقات الكترونية في عدد محدود من المدارس ومراقبة التجربة لمدة عامين ، ثم التوسع فيها تدريجيا
إن المطلوب ليس مجرد تحسين في المناهج أو تقسيم الكتاب على اثنين أو إضافة بعض الألوان في عملية الطباعة ، وإنما المطلوب إعادة صياغة طريقة التفكير التي يعمل بها النظام التعليمي كله ، أو فلسفة الجامعة والاعتداد بالنماذج الحديثة في العملية التعليمية المطبقة في بلدان ومجتمعات أخر مثل التعليم عن بعد والتعليم المفتوح والدائم والقائم على فكرة النظم والشبكات المتداخلة والتعليم الافتراضي ، وغير ذلك من النماذج التي تتناسب مع ثورة الاتصالات والمعلومات والتقدم المبهر المستمر في تكنولوجيا الحاسبات الآلية .