الأهداف التربوية والتقويم:
الهدف عامة هو ما نريد تحقيقه: وما نبغي الوصول إليه، أما الهدف في التربية فهو كل ما نريد إكسابه للطالب، وما نريد نقله إليه من خبرات ومهارات وقيم واتجاهات.
والهدف في التربية الحديثة، هو نتاج أي عملية تعليمية تعلمية، وعلى رأي السلوكيين يكون هذا النتاج على شكل سلوك ظاهر قابل للقياس والملاحظة.
إن أبرز خصائص التربية الحديثة أنها تربية مقصودة، لا تربية مقصورة دون أهداف واضحة يراد تحقيقها والوصول إليها.
ولقد نالت الأهداف التربوية اهتماماً كبيراً لدى المربين وعلماء النفس التربويين منذ زمن بعيد وعلى المستويات كافة، فهي شعاع الضوء الذي يهدي العاملين في التربية للوصول بالمجتمع إلى الرقي والتقدم، من هنا كانت العناية بتحديد الأهداف التربوية وحسن صياغاتها ووضوح عباراتها وإمكانية تحقيقها ضرورة اجتماعية لأي مجتمع، فهي التي تحدد معالم العملية التربوية كلها، وطرائق التدريس وأوجه النشاط التعليمي وغيرها (يعقوب، 1999،12).
إن الأهداف التربوية تؤدي وظائف على درجة عالية من الأهمية وفيما يلي أهم هذه الوظائف:
1 ـ إنها تمثل السبيل نحو اختيار محتوى الخبرات التعليمية المناسبة. والخبرة التعليمية لا تعني مجرد المعلومات، فهي تشمل أيضاً طرائق التفكير والمهارات والاتجاهات والعادات والميول والقيم، ومصادر الاختيار هذه يمكن أن تكون من التراث ومن الحاضر أيضاً. فوظيفة التربية لا ينبغي أن تقتصر على مجرد نقل التراث من جيل إلى آخر بل هي عملية الإعداد للحاضر والمستقبل.
2 ـ إنها ضرورية لاختيار أوجه النشاط التعليمي المناسبة: فوضوح الأهداف وتحديدها بدقة يساعدان المعلم على اختيار أنواع الأنشطة التعليمية التي تمكنه من تحقيق أهداف الدرس.
3- إنها تقدم مستويات لما يُعلّم، وكيف يعُلّم.
4- إنها ضرورية للتقويم السليم.
والأهداف التربوية تمثل القيم في المجتمع، وهي خاضعة للتغيير والتبديل حسب تطور هذا المجتمع، وفي مجال التدريس لابد من ترجمة هذه الأهداف إلى أهداف إجرائية في الوحدات الدرسية، وإلى أغراض سلوكية أكثر تحديداً في كل درس محدد حتى يستطيع المدرس تقويم السلوك النهائي للمتعلمين وفقاً للأهداف المحددة إجرائياً وسلوكياً (القلا، ناصر، 1995/ 1996، 50).
مجالات الأهداف التربوية (السلوكية) ومستوياتها:
لقد صنفت الأهداف التربوية في عدة صور تساعد في اختيارها وتحديدها، وفي إقدار المختصين على تضمين جوانب التعلّم عند تحديدها، وتساعدهم في صياغتها بطريقة جيدة، فقد صنفت الأهداف في ثلاثة مجالات هي: المجال المعرفي، والمجال الوجداني أو الانفعالي، والمجال الحسي الحركي، وهذا التصنيف يستخدم لمجرد الدراسة لأن سلوك الإنسان متكامل يصعب الفصل فيه بين المجالات، إذ يحتوي كل مجال أثاراً واضحة من المجالين الآخرين، وفيما يلي عرض موجز لهذه المجالات:
أولاً:- المجال المعرفي:
يبين مختلف نشاطات العقل الإنساني: ويشمل أهدافاً تعبر عن المعرفة وتذكرها واسترجاعها، ولقد قام بلوم (Bloom) وزملاؤه بوضع تفصيلات لهذه المجالات، واهتموا كثيراً بهذا المجال، حيث قسموا المجال إلى ستة مستويات (يعقوب، 1999،13) تتدرج بشكل متسلسل تبدأ بالبسيط وتنتهي بالمعقد حسب نوع العمليات العقلية المتضمنة (القلا، ناصر، 1995، 1996،52) وهي:
1 ـ مستوى المعارف:
وهو المستوى الأول من مستويات المجال المعرفي، ويتمثل في القدرة على تذكر المعارف والمعلومات والقوانين والنظريات والحقائق سواء عن طريق استدعائها من الذاكرة أم تعرفها، وسواء أكانت بفهم أم بغير فهم، وتصاغ الأفعال السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يحدد، أن يسمي، أن يذكر، أن يختار، أن يصف، أن يعرّف، ومن أمثلته:
ـ يعرف معاني الكلمات التالية.
ـ يذكر معلومات محددة عن قائل النص.
ـ يحدد جوانب معينة في حياة الشاعر.
2 ـ مستوى الفهم والاستيعاب:
وهو المستوى الثاني من مستويات المجال المعرفي، وفي هذا المستوى يستطيع المتعلم أن يفهم ما يدور حوله وما يقدم إليه في صورة معلومات وخبرات، ويتمثل في القدرة على إدراك معنى المادة اللغوية واستيعابها وشرحها وتفسيرها، وعلى صياغة المعارف والمعلومات في أشكال جديدة، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يحول، أن يلخص، أن يميز، أن يضرب أمثلة، أن يشرح ومن أمثلته:
يشرح التعبير التالي بلغته الخاصة - يستخلص الفكرة الرئيسة في النص – ينثر المقطع الأخير من النص بلغته الخاصة.
3 ـ مستوى التطبيق:
وهو المستوى الثالث من مستويات المجال المعرفي، ويتمثل في استخدام المجردات التي تتمثل في الأفكار والمبادئ والمفاهيم في مواقف جديدة، وفي اللغة يتمثل في استخدام ما تعلمه الطالب من النص أو الدرس الجديد في مواقف حياتية جديدة، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يوضح، أن يحسب، أن يكتشف، أن يستخدم، أن يحل، أن يطبق، أن يعرب، ومن أمثلته:
- يستخدم كلمة ( ) استخداماً وظيفياً.
- يحاكي الصورة التالية000000000 يوظف التعبير التالي00000 في مواقف جديدة.
يوظف كلمة (000000) في سياق جديد.
يعرب الكلمات التالية إعراباً تاماً.
4 ـ مستوى التحليل:
وهو المستوى الرابع من مستويات المجال المعرفي، ويعني تجزئة المعرفة أو الموضوع الدراسي إلى مكوناته الأساسية حتى تتضح أفكاره. وهذا يعني قدرة المتعلم على تحليل المادة التعليمية إلى مكوناتها الجزئية وتحليل العلاقات بين الأجزاء، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل:
أن يجزئ، أن يفرّق، أن يميز، أن يستنتج، أن يقسم، أن يفصل، ومن أمثلته:
يحلل النص إلى أفكاره الفرعية
يحلل الصورة الواردة في التعبير التالي.
يميز بين الحقائق والآراء التالية
5 ـ مستوى التركيب:
وهو المستوى الخامس من مستويات المجال المعرفي، ويعني قدرة المتعلم على تجميع وربط عناصر أو أجزاء المعرفة أو الموضوع لتكوين كل متكامل لم يكن موجوداً من قبل للوصول إلى معلومات جديدة، أو لحل مشكلة، أو استخلاص خطط وعمليات وعلاقات مجردة جديدة، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يصنف، أن يؤلف، أن يجمع، أن يصمم، أن ينظم، أن يعيد الترتيب، أن يلخص، أن يراجع، أن يربط بين، أن يعيد الكتابة00 ومن أمثلته:
يلخص النص السابق بلغته الخاصة.
يكتب موضوعاً قصيراً يصف فيه000مستعيناً بتعابير وردت في النص.
يروي قصة قصيرة مستمدة من المعاني التي وردت في الدرس.
6 ـ مستوى التقويم:
وهو المستوى السادس من مستويات المجال المعرفي ويشير هذا المستوى إلى قدرة المتعلم على الحكم على قيمة ما تعلمه من المادة التعليمية، وقد يكون الحكم كمياً أو كيفياً، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل:
أن يقوّم، أن يوازن، أن يقارن، أن ينتقد، أن يميز، أن يفسر، أن يبرز، أن يدعم، أن يلخص أن يقدر، ومن أمثلته:
ينتقد آراء الكاتب الواردة في النص.
يبرز الأسباب التي دعت الكاتب أو الشاعر إلى التعاطف مع البطل والإعجاب به.
يدعم رأي الكاتب أو الشاعر في تقديره وإعجابه بالبطل.
يقارن بين حياة الإنسان0000 وبين حياة الإنسان الذي000
ثانياً: المجال الانفعالي أو الوجداني:
ويبين اتجاهات المرء نحو المواقف، ويتناول القيم التي تتعلق بتنمية مشاعر المتعلّم وتطويرها، وتنمية عقائده في التكيف للآخرين والتعامل مع الأشياء، وهي تتضمن أنواعاً من السلوك تتصف إلى درجة كبيرة بالثبات مثل الاتجاهات والقيم والميول والتقدير، وهذه مهمة لكنها صعبة في التدريس والتقويم من المجال المعرفي لغموض المجال الانفعالي عندما لا يظهر على شكل سلوك، ووضع كروثول وجماعته الأهداف الانفعالية عام 1964 في تنظيم هرمي من البسيط إلى المركب على النحو الآتي:
1 ـ الاستقبال:
ويشير هذا المستوى إلى استعداد الطالب المتعلم إلى الاهتمام بموضوع التعلم، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل:
أن يجيب، أن يسأل، أن يختار، أن يتابع، أن يعطي، أن يشير، أن يستخدم ومن أمثلته:
ـ يصغي باهتمام إلى وصف الشاعر لـ
ـ يحس بما تعانيه إحدى شخصيات النص.
ـ يسأل عن مفردات محددة وردت في النص يجهل معناها.
ـ يختار أبياتاً محددة من النص لاستظهارها.
2 ـ الاستجابة:
ويشير هذا المستوى إلى المشاركة الإيجابية من جانب المتعلم والتفاعل مع المادة التعليمية التي يتعلمها، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يجيب طوعاً، أن يساعد، أن يناقش، أن يتعاون، أن يتدرب، أن يقرأ، أن يسمع، أن يروي، أن يكتب، ومن أمثلته:
ـ يشارك في النشاطات التي يدور حولها النص.
ـ يقرأ نصوصاً أخرى تدور حول الموضوع الذي تعلمه.
ـ يكتب قصة سمعها تدور حول الموضوع.
ـ يبدي اهتماماً واضحاً بموضوع النص من حيث أفكاره ولغته.
3 ـ إعطاء قيمة:
ويشير هذا المستوى من الأهداف الوجدانية إلى ما يعطيه المتعلم من قيمة إلى الموضوع الذي تعلمه والقيم التي تمثله، والتعبير عنها في سلوك واضح وظاهر من جانب المتعلم، وتصاغ الأهداف السلوكية بأفعال مضارعة من مثل: أن يكمل، أن يشرح، أن يتابع، أن يبادر، أن يدعو، أن ينظم، أن يبرر، أن يقترح، أن يقرأ، أن يسهم، أن يدرس، أن يتعلم ومن أمثلته:
ـ يدعو إلى نصرة أطفال الانتفاضة في فلسطين.
ـ يسهم في أعمال محددة لرفع الظلم عن العمال.
ـ يشارك الشاعر عواطفه ومشاعره التي يقدر فيها البطل.
ـ يقدّر التعابير الجميلة الواردة في النص ويحدد مواطن الجمال فيها.
4- التنظيم:
يقصد به جمع أكثر من قيمة واحدة، وحل المتناقضات بين القيم، وبناء نظام قيمي يتصف بالاتساق الداخلي، ويركز هذا المستوى على تنظيم السلوك، وتحمل المسؤولية، ووضع خطة للحياة تتفق مع الميول والعقائد، وتصاغ الأهداف السلوكية بأفعال مضارعة من مثل: أن يتمسك، أن يتعلق، أن ينظم، أن يكمل، أن يركب، أن يجهز، وإن الانتساب إلى فئة عقائدية، وتنظيم السلوك اليومي وفق مبادئها يعد من هذا المستوى.
5- تمثل القيم (التشخيص أو التقمص أو الحلول):
وهو المستوى الذي يوحد فيه المرء بين قيمه ومبادئه وبين سلوكه اليومي، فيصبح نظام القيم ذاك محركاً لكل تصرفاته وأعماله، ويطبقه بحيث يسهل التنبؤ بما سيقوم به، ويشير هذا المستوى من الأهداف إلى ما يتكون لدى المتعلم من قيمة أو من نظام قيم معين يضبط سلوكه، ويوجهه ويؤدي به إلى تكوين أسلوب مميز له في الحياة، وتصاغ الأهداف السلوكية بأفعال مضارعة من مثل:
أن يميز، أن يراجع، أن يحل، أن يتبنى، أن يتقمص، أن يوظف، أن يستخدم، ومن أمثلته:
ـ يستخدم الطالب / الطالبة الأسلوب الموضوعي في معالجة مشكلاته.
ـ يوظف المفردات والتعابير الجميلة التي تعلمها من النص في أثناء التعبير عن أفكاره ومشاعره.
ـ يستخدم المكتبة المدرسية في إثراء النصوص الأدبية التي يتعلمها.
ثالثاً: المجال النفسحركي:
ويظهر على شكل نشاطات للعضلات المخططة، وهو مجال المهارات الحركية، التي يعبر عنها بوسائل بصرية بدلاً من التصنيف اللفظي، ويشمل هذا المجال الأهداف التي تتعلق بالقدرة على القيام بأداء معين يتطلب التناسق الحركي النفسي والعصبي، ولقد نبه بلوم إلى صعوبة هذا المجال، وعلى الرغم من هذه الصعوبات فقد قام بعض العلماء باقتراح تصنيفات لهذه الأهداف، وأهمها تصنيف ديف الذي يقوم على مفهوم التآزر العضلي العصبي، وتصنيف كبلر المبني على تسلسل الحوادث في النمو، وتصنيف سمبسون وهرو اللذين يؤكدان أن أي سلوك حركي لابد أن ينطوي على خصائص معرفية وانفعالية.( القلا،ناصر،1995،1996،69- 74).
ويعبر عن الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة سلوكية ظاهرة من مثل:
أن يرسم، أن يكتب، أن يشغل جهازاً، أن يصلح محركاً، أن يطبع مقالاً، وفيما يلي أمثلة عن الأهداف النفسحركية:
ـ يكتب حرف السين بخط النسخ.
ـ يؤدي النص الشعري أداءً معبراً عن المعنى.
ـ يكتب مقطعاً من النص بخط واضح ودون أغلاط.
ـ يجمع الصور الجميلة الواردة في النص ويحاول محاكاتها.
4
ـ مفهوم المنهاج كنظام:
يعتبر مصطلح " نظام " من المصطلحات الحديثة في التربية، حيث دخل هذا المصطلح إلى العلوم التربوية في الخمسينات من القرن العشرين بعد أن دخل العلوم العسكرية والإدارية والاقتصادية.
والأصل في كلمة نظام ( SYSTEM ) مأخوذ من العلوم البيولوجية التي تدرس الأجهزة أو النظم ( جهاز الدوران، جهاز الهضم...الخ.) الأساس في مفهوم النظام إنه يتكون من مجموعة من الأجزاء أو المكونات التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً عضوياً وثيقاً بحيث يؤثر كل منها بغيره ويتأثر به، فجهاز الهضم مثلاً لا يتكون من المعدة والأمعاء وما يلحق بهما من غدد وإنما يكون نظاماً متكاملاً بقدر ما بين هذه المكونات من علاقات متبادلة تمكن النظام من القيام بعمله. وقد اختلف المهتمون بالنظام في إعطاء تعريف واضح ومحدد له، فركَّز البعض على أهدافه بينما ركَّز آخرون على البعد المكاني أو البعد الزماني، ولتتضح الفكرة جيداً سنعرض بعضاً من تعريفات النظام:
ـ " النظام هو الكل المركب من مجموعة من عناصر لها وظائف وبينها علاقات تبادلية شبكية تتم ضمن قوانين، وبذلك يؤدي الكل المركب بمجموعه نشاطاً هادفاً له سماته المميزة وعلاقاته التبادلية مع النظم الأخرى، ويوجد في بعد مجالي وآخر زماني ويكون مفتوحاً يسمح بدخول المعلومات والأفكار إليه ويكون ضمن حدود وله مدخلات ومخرجات. " ( جابر عبد الحميد، 1998 ـ ص 382 )
ـ وقد عرّفه الطوبجي بأنه مجموعة من العناصر التي تتفاعل باستمرار مع بعضها مكونة وحدة متكاملة.
ـ ويُعرّف في علم الإدارة على إنه ذلك الكل المركب من مجموعة العناصر أو الأجزاء التي يرتبط بعضها مع بعض بشكل وظيفي متكامل، بحيث إن أي خلـل أو تغيير في عنصر من العناصر ينعكس على النظام ككل، فالنظام ( SYSTEM ) هو وحدة متكاملة وليس فقط مجموعة من المكونات أو العناصر، وإنما يتجاوز ذلك إلى ما بين هذه العناصر من علاقات تمكنه من القيام بوظيفته بنجاح. فالنظام كل أكبر من مجموع العناصر التي يتألف منها. (سلامة، 2000، ص 11 )
وإذا حللنا التعاريف السابقة، نلاحظ أن لكل نظام حدوده التي تميزه عن البيئة المحيطة به، ولا يُؤخذ النظام إلاّ ضمن هذه الحدود التي تحتوي عناصر النظام والعلاقات المتبادلة في ما بينها، فلكل نظام دائرة مغلقة حول عناصره التي تقوم بالعمليات والتغييرات المطلوبة حيث تتحول فيه المدخلات إلى المخرجات ولكن هذا لا يعني أن النظام منعزل عن البيئة المحيطة به والتي تكون خارج حدوده بل يتأثر بها بشكل مباشر، فالبيئة هي التي تجعل النظام في حركة ديناميكية مستمرة وتحقق له التوازن وفي الوقت نفسه تجعل من الصعوبة بمكان تحديد حدوده.
وإذا كانت عناصر النظام ترتبط فيما بينها بعلاقات تبادلية تجعلها مترابطة، إلاّ أن هذه العناصر يتمايز بعضها عن بعض من حيث الوظيفة التي يؤديها كل عنصر. وبالرغم من هذا التمايز في الوظائف، علينا أن ندرس النظام ككل لأن كلية النظام أكبر من مجموع أجزائه، ولأن العلاقات التبادلية بين عناصره ليست عشوائية بل تخضع لقوانين منطقية تُحدد في ضوء تكوين النظام الداخلي ونوعية مدخلاته ومخرجاته. ( توفيق مرعي، 2000، ص 67 ).
وكل نظام ( SYSTEM ) هو وحدة مشتقة من نظام أكبر يسمى النظام الأم (SYSTEM ـ SUPRA) يتـألف من عدة نظم فرعية SYSTEM) SUB-) متسلسلة منه ويمكننا تمثيل النظام الأم أو الرئيسي بـِ " جسم الإنسان " وتمثيل النظم الفرعية بجهاز الدوران _ جهاز الهضم _ جهاز الإخراج...الخ. وفي العلوم الاجتماعية يمكن أن نمثل للنظام الرئيسي بالنظام الاجتماعي العام الذي يسود مجتمعاً من المجتمعات، ونمثل للنظم الفرعية بالنظام الاقتصادي ـ العسكري ـ التربوي...الخ.
وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار المنهاج المدرسي نظاما يتكون من مجموعة من العناصر المنظمة والمرتبطة فيما بينها ارتباطاً عضوياً بحيث تعمل ككل متكامل. وفي ضوء هذا المفهوم علينا أن ننظر للمنهاج نظرة شاملة بحيث لا ينفصل المحتوى عن الأهداف أو عن طرائق التعليم أو طرائق التقويم.
والمنهاج كنظام يُعتبر مُكوِّناً من نظام أكبر هو النظام التربوي والذي يُعتبر بدوره جزءاً من نظام أكبر هو النظام الاجتماعي.
الهدف عامة هو ما نريد تحقيقه: وما نبغي الوصول إليه، أما الهدف في التربية فهو كل ما نريد إكسابه للطالب، وما نريد نقله إليه من خبرات ومهارات وقيم واتجاهات.
والهدف في التربية الحديثة، هو نتاج أي عملية تعليمية تعلمية، وعلى رأي السلوكيين يكون هذا النتاج على شكل سلوك ظاهر قابل للقياس والملاحظة.
إن أبرز خصائص التربية الحديثة أنها تربية مقصودة، لا تربية مقصورة دون أهداف واضحة يراد تحقيقها والوصول إليها.
ولقد نالت الأهداف التربوية اهتماماً كبيراً لدى المربين وعلماء النفس التربويين منذ زمن بعيد وعلى المستويات كافة، فهي شعاع الضوء الذي يهدي العاملين في التربية للوصول بالمجتمع إلى الرقي والتقدم، من هنا كانت العناية بتحديد الأهداف التربوية وحسن صياغاتها ووضوح عباراتها وإمكانية تحقيقها ضرورة اجتماعية لأي مجتمع، فهي التي تحدد معالم العملية التربوية كلها، وطرائق التدريس وأوجه النشاط التعليمي وغيرها (يعقوب، 1999،12).
إن الأهداف التربوية تؤدي وظائف على درجة عالية من الأهمية وفيما يلي أهم هذه الوظائف:
1 ـ إنها تمثل السبيل نحو اختيار محتوى الخبرات التعليمية المناسبة. والخبرة التعليمية لا تعني مجرد المعلومات، فهي تشمل أيضاً طرائق التفكير والمهارات والاتجاهات والعادات والميول والقيم، ومصادر الاختيار هذه يمكن أن تكون من التراث ومن الحاضر أيضاً. فوظيفة التربية لا ينبغي أن تقتصر على مجرد نقل التراث من جيل إلى آخر بل هي عملية الإعداد للحاضر والمستقبل.
2 ـ إنها ضرورية لاختيار أوجه النشاط التعليمي المناسبة: فوضوح الأهداف وتحديدها بدقة يساعدان المعلم على اختيار أنواع الأنشطة التعليمية التي تمكنه من تحقيق أهداف الدرس.
3- إنها تقدم مستويات لما يُعلّم، وكيف يعُلّم.
4- إنها ضرورية للتقويم السليم.
والأهداف التربوية تمثل القيم في المجتمع، وهي خاضعة للتغيير والتبديل حسب تطور هذا المجتمع، وفي مجال التدريس لابد من ترجمة هذه الأهداف إلى أهداف إجرائية في الوحدات الدرسية، وإلى أغراض سلوكية أكثر تحديداً في كل درس محدد حتى يستطيع المدرس تقويم السلوك النهائي للمتعلمين وفقاً للأهداف المحددة إجرائياً وسلوكياً (القلا، ناصر، 1995/ 1996، 50).
مجالات الأهداف التربوية (السلوكية) ومستوياتها:
لقد صنفت الأهداف التربوية في عدة صور تساعد في اختيارها وتحديدها، وفي إقدار المختصين على تضمين جوانب التعلّم عند تحديدها، وتساعدهم في صياغتها بطريقة جيدة، فقد صنفت الأهداف في ثلاثة مجالات هي: المجال المعرفي، والمجال الوجداني أو الانفعالي، والمجال الحسي الحركي، وهذا التصنيف يستخدم لمجرد الدراسة لأن سلوك الإنسان متكامل يصعب الفصل فيه بين المجالات، إذ يحتوي كل مجال أثاراً واضحة من المجالين الآخرين، وفيما يلي عرض موجز لهذه المجالات:
أولاً:- المجال المعرفي:
يبين مختلف نشاطات العقل الإنساني: ويشمل أهدافاً تعبر عن المعرفة وتذكرها واسترجاعها، ولقد قام بلوم (Bloom) وزملاؤه بوضع تفصيلات لهذه المجالات، واهتموا كثيراً بهذا المجال، حيث قسموا المجال إلى ستة مستويات (يعقوب، 1999،13) تتدرج بشكل متسلسل تبدأ بالبسيط وتنتهي بالمعقد حسب نوع العمليات العقلية المتضمنة (القلا، ناصر، 1995، 1996،52) وهي:
1 ـ مستوى المعارف:
وهو المستوى الأول من مستويات المجال المعرفي، ويتمثل في القدرة على تذكر المعارف والمعلومات والقوانين والنظريات والحقائق سواء عن طريق استدعائها من الذاكرة أم تعرفها، وسواء أكانت بفهم أم بغير فهم، وتصاغ الأفعال السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يحدد، أن يسمي، أن يذكر، أن يختار، أن يصف، أن يعرّف، ومن أمثلته:
ـ يعرف معاني الكلمات التالية.
ـ يذكر معلومات محددة عن قائل النص.
ـ يحدد جوانب معينة في حياة الشاعر.
2 ـ مستوى الفهم والاستيعاب:
وهو المستوى الثاني من مستويات المجال المعرفي، وفي هذا المستوى يستطيع المتعلم أن يفهم ما يدور حوله وما يقدم إليه في صورة معلومات وخبرات، ويتمثل في القدرة على إدراك معنى المادة اللغوية واستيعابها وشرحها وتفسيرها، وعلى صياغة المعارف والمعلومات في أشكال جديدة، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يحول، أن يلخص، أن يميز، أن يضرب أمثلة، أن يشرح ومن أمثلته:
يشرح التعبير التالي بلغته الخاصة - يستخلص الفكرة الرئيسة في النص – ينثر المقطع الأخير من النص بلغته الخاصة.
3 ـ مستوى التطبيق:
وهو المستوى الثالث من مستويات المجال المعرفي، ويتمثل في استخدام المجردات التي تتمثل في الأفكار والمبادئ والمفاهيم في مواقف جديدة، وفي اللغة يتمثل في استخدام ما تعلمه الطالب من النص أو الدرس الجديد في مواقف حياتية جديدة، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يوضح، أن يحسب، أن يكتشف، أن يستخدم، أن يحل، أن يطبق، أن يعرب، ومن أمثلته:
- يستخدم كلمة ( ) استخداماً وظيفياً.
- يحاكي الصورة التالية000000000 يوظف التعبير التالي00000 في مواقف جديدة.
يوظف كلمة (000000) في سياق جديد.
يعرب الكلمات التالية إعراباً تاماً.
4 ـ مستوى التحليل:
وهو المستوى الرابع من مستويات المجال المعرفي، ويعني تجزئة المعرفة أو الموضوع الدراسي إلى مكوناته الأساسية حتى تتضح أفكاره. وهذا يعني قدرة المتعلم على تحليل المادة التعليمية إلى مكوناتها الجزئية وتحليل العلاقات بين الأجزاء، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل:
أن يجزئ، أن يفرّق، أن يميز، أن يستنتج، أن يقسم، أن يفصل، ومن أمثلته:
يحلل النص إلى أفكاره الفرعية
يحلل الصورة الواردة في التعبير التالي.
يميز بين الحقائق والآراء التالية
5 ـ مستوى التركيب:
وهو المستوى الخامس من مستويات المجال المعرفي، ويعني قدرة المتعلم على تجميع وربط عناصر أو أجزاء المعرفة أو الموضوع لتكوين كل متكامل لم يكن موجوداً من قبل للوصول إلى معلومات جديدة، أو لحل مشكلة، أو استخلاص خطط وعمليات وعلاقات مجردة جديدة، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يصنف، أن يؤلف، أن يجمع، أن يصمم، أن ينظم، أن يعيد الترتيب، أن يلخص، أن يراجع، أن يربط بين، أن يعيد الكتابة00 ومن أمثلته:
يلخص النص السابق بلغته الخاصة.
يكتب موضوعاً قصيراً يصف فيه000مستعيناً بتعابير وردت في النص.
يروي قصة قصيرة مستمدة من المعاني التي وردت في الدرس.
6 ـ مستوى التقويم:
وهو المستوى السادس من مستويات المجال المعرفي ويشير هذا المستوى إلى قدرة المتعلم على الحكم على قيمة ما تعلمه من المادة التعليمية، وقد يكون الحكم كمياً أو كيفياً، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل:
أن يقوّم، أن يوازن، أن يقارن، أن ينتقد، أن يميز، أن يفسر، أن يبرز، أن يدعم، أن يلخص أن يقدر، ومن أمثلته:
ينتقد آراء الكاتب الواردة في النص.
يبرز الأسباب التي دعت الكاتب أو الشاعر إلى التعاطف مع البطل والإعجاب به.
يدعم رأي الكاتب أو الشاعر في تقديره وإعجابه بالبطل.
يقارن بين حياة الإنسان0000 وبين حياة الإنسان الذي000
ثانياً: المجال الانفعالي أو الوجداني:
ويبين اتجاهات المرء نحو المواقف، ويتناول القيم التي تتعلق بتنمية مشاعر المتعلّم وتطويرها، وتنمية عقائده في التكيف للآخرين والتعامل مع الأشياء، وهي تتضمن أنواعاً من السلوك تتصف إلى درجة كبيرة بالثبات مثل الاتجاهات والقيم والميول والتقدير، وهذه مهمة لكنها صعبة في التدريس والتقويم من المجال المعرفي لغموض المجال الانفعالي عندما لا يظهر على شكل سلوك، ووضع كروثول وجماعته الأهداف الانفعالية عام 1964 في تنظيم هرمي من البسيط إلى المركب على النحو الآتي:
1 ـ الاستقبال:
ويشير هذا المستوى إلى استعداد الطالب المتعلم إلى الاهتمام بموضوع التعلم، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل:
أن يجيب، أن يسأل، أن يختار، أن يتابع، أن يعطي، أن يشير، أن يستخدم ومن أمثلته:
ـ يصغي باهتمام إلى وصف الشاعر لـ
ـ يحس بما تعانيه إحدى شخصيات النص.
ـ يسأل عن مفردات محددة وردت في النص يجهل معناها.
ـ يختار أبياتاً محددة من النص لاستظهارها.
2 ـ الاستجابة:
ويشير هذا المستوى إلى المشاركة الإيجابية من جانب المتعلم والتفاعل مع المادة التعليمية التي يتعلمها، وتصاغ الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة من مثل: أن يجيب طوعاً، أن يساعد، أن يناقش، أن يتعاون، أن يتدرب، أن يقرأ، أن يسمع، أن يروي، أن يكتب، ومن أمثلته:
ـ يشارك في النشاطات التي يدور حولها النص.
ـ يقرأ نصوصاً أخرى تدور حول الموضوع الذي تعلمه.
ـ يكتب قصة سمعها تدور حول الموضوع.
ـ يبدي اهتماماً واضحاً بموضوع النص من حيث أفكاره ولغته.
3 ـ إعطاء قيمة:
ويشير هذا المستوى من الأهداف الوجدانية إلى ما يعطيه المتعلم من قيمة إلى الموضوع الذي تعلمه والقيم التي تمثله، والتعبير عنها في سلوك واضح وظاهر من جانب المتعلم، وتصاغ الأهداف السلوكية بأفعال مضارعة من مثل: أن يكمل، أن يشرح، أن يتابع، أن يبادر، أن يدعو، أن ينظم، أن يبرر، أن يقترح، أن يقرأ، أن يسهم، أن يدرس، أن يتعلم ومن أمثلته:
ـ يدعو إلى نصرة أطفال الانتفاضة في فلسطين.
ـ يسهم في أعمال محددة لرفع الظلم عن العمال.
ـ يشارك الشاعر عواطفه ومشاعره التي يقدر فيها البطل.
ـ يقدّر التعابير الجميلة الواردة في النص ويحدد مواطن الجمال فيها.
4- التنظيم:
يقصد به جمع أكثر من قيمة واحدة، وحل المتناقضات بين القيم، وبناء نظام قيمي يتصف بالاتساق الداخلي، ويركز هذا المستوى على تنظيم السلوك، وتحمل المسؤولية، ووضع خطة للحياة تتفق مع الميول والعقائد، وتصاغ الأهداف السلوكية بأفعال مضارعة من مثل: أن يتمسك، أن يتعلق، أن ينظم، أن يكمل، أن يركب، أن يجهز، وإن الانتساب إلى فئة عقائدية، وتنظيم السلوك اليومي وفق مبادئها يعد من هذا المستوى.
5- تمثل القيم (التشخيص أو التقمص أو الحلول):
وهو المستوى الذي يوحد فيه المرء بين قيمه ومبادئه وبين سلوكه اليومي، فيصبح نظام القيم ذاك محركاً لكل تصرفاته وأعماله، ويطبقه بحيث يسهل التنبؤ بما سيقوم به، ويشير هذا المستوى من الأهداف إلى ما يتكون لدى المتعلم من قيمة أو من نظام قيم معين يضبط سلوكه، ويوجهه ويؤدي به إلى تكوين أسلوب مميز له في الحياة، وتصاغ الأهداف السلوكية بأفعال مضارعة من مثل:
أن يميز، أن يراجع، أن يحل، أن يتبنى، أن يتقمص، أن يوظف، أن يستخدم، ومن أمثلته:
ـ يستخدم الطالب / الطالبة الأسلوب الموضوعي في معالجة مشكلاته.
ـ يوظف المفردات والتعابير الجميلة التي تعلمها من النص في أثناء التعبير عن أفكاره ومشاعره.
ـ يستخدم المكتبة المدرسية في إثراء النصوص الأدبية التي يتعلمها.
ثالثاً: المجال النفسحركي:
ويظهر على شكل نشاطات للعضلات المخططة، وهو مجال المهارات الحركية، التي يعبر عنها بوسائل بصرية بدلاً من التصنيف اللفظي، ويشمل هذا المجال الأهداف التي تتعلق بالقدرة على القيام بأداء معين يتطلب التناسق الحركي النفسي والعصبي، ولقد نبه بلوم إلى صعوبة هذا المجال، وعلى الرغم من هذه الصعوبات فقد قام بعض العلماء باقتراح تصنيفات لهذه الأهداف، وأهمها تصنيف ديف الذي يقوم على مفهوم التآزر العضلي العصبي، وتصنيف كبلر المبني على تسلسل الحوادث في النمو، وتصنيف سمبسون وهرو اللذين يؤكدان أن أي سلوك حركي لابد أن ينطوي على خصائص معرفية وانفعالية.( القلا،ناصر،1995،1996،69- 74).
ويعبر عن الأهداف السلوكية لهذا المستوى بأفعال مضارعة سلوكية ظاهرة من مثل:
أن يرسم، أن يكتب، أن يشغل جهازاً، أن يصلح محركاً، أن يطبع مقالاً، وفيما يلي أمثلة عن الأهداف النفسحركية:
ـ يكتب حرف السين بخط النسخ.
ـ يؤدي النص الشعري أداءً معبراً عن المعنى.
ـ يكتب مقطعاً من النص بخط واضح ودون أغلاط.
ـ يجمع الصور الجميلة الواردة في النص ويحاول محاكاتها.
4
ـ مفهوم المنهاج كنظام:
يعتبر مصطلح " نظام " من المصطلحات الحديثة في التربية، حيث دخل هذا المصطلح إلى العلوم التربوية في الخمسينات من القرن العشرين بعد أن دخل العلوم العسكرية والإدارية والاقتصادية.
والأصل في كلمة نظام ( SYSTEM ) مأخوذ من العلوم البيولوجية التي تدرس الأجهزة أو النظم ( جهاز الدوران، جهاز الهضم...الخ.) الأساس في مفهوم النظام إنه يتكون من مجموعة من الأجزاء أو المكونات التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً عضوياً وثيقاً بحيث يؤثر كل منها بغيره ويتأثر به، فجهاز الهضم مثلاً لا يتكون من المعدة والأمعاء وما يلحق بهما من غدد وإنما يكون نظاماً متكاملاً بقدر ما بين هذه المكونات من علاقات متبادلة تمكن النظام من القيام بعمله. وقد اختلف المهتمون بالنظام في إعطاء تعريف واضح ومحدد له، فركَّز البعض على أهدافه بينما ركَّز آخرون على البعد المكاني أو البعد الزماني، ولتتضح الفكرة جيداً سنعرض بعضاً من تعريفات النظام:
ـ " النظام هو الكل المركب من مجموعة من عناصر لها وظائف وبينها علاقات تبادلية شبكية تتم ضمن قوانين، وبذلك يؤدي الكل المركب بمجموعه نشاطاً هادفاً له سماته المميزة وعلاقاته التبادلية مع النظم الأخرى، ويوجد في بعد مجالي وآخر زماني ويكون مفتوحاً يسمح بدخول المعلومات والأفكار إليه ويكون ضمن حدود وله مدخلات ومخرجات. " ( جابر عبد الحميد، 1998 ـ ص 382 )
ـ وقد عرّفه الطوبجي بأنه مجموعة من العناصر التي تتفاعل باستمرار مع بعضها مكونة وحدة متكاملة.
ـ ويُعرّف في علم الإدارة على إنه ذلك الكل المركب من مجموعة العناصر أو الأجزاء التي يرتبط بعضها مع بعض بشكل وظيفي متكامل، بحيث إن أي خلـل أو تغيير في عنصر من العناصر ينعكس على النظام ككل، فالنظام ( SYSTEM ) هو وحدة متكاملة وليس فقط مجموعة من المكونات أو العناصر، وإنما يتجاوز ذلك إلى ما بين هذه العناصر من علاقات تمكنه من القيام بوظيفته بنجاح. فالنظام كل أكبر من مجموع العناصر التي يتألف منها. (سلامة، 2000، ص 11 )
وإذا حللنا التعاريف السابقة، نلاحظ أن لكل نظام حدوده التي تميزه عن البيئة المحيطة به، ولا يُؤخذ النظام إلاّ ضمن هذه الحدود التي تحتوي عناصر النظام والعلاقات المتبادلة في ما بينها، فلكل نظام دائرة مغلقة حول عناصره التي تقوم بالعمليات والتغييرات المطلوبة حيث تتحول فيه المدخلات إلى المخرجات ولكن هذا لا يعني أن النظام منعزل عن البيئة المحيطة به والتي تكون خارج حدوده بل يتأثر بها بشكل مباشر، فالبيئة هي التي تجعل النظام في حركة ديناميكية مستمرة وتحقق له التوازن وفي الوقت نفسه تجعل من الصعوبة بمكان تحديد حدوده.
وإذا كانت عناصر النظام ترتبط فيما بينها بعلاقات تبادلية تجعلها مترابطة، إلاّ أن هذه العناصر يتمايز بعضها عن بعض من حيث الوظيفة التي يؤديها كل عنصر. وبالرغم من هذا التمايز في الوظائف، علينا أن ندرس النظام ككل لأن كلية النظام أكبر من مجموع أجزائه، ولأن العلاقات التبادلية بين عناصره ليست عشوائية بل تخضع لقوانين منطقية تُحدد في ضوء تكوين النظام الداخلي ونوعية مدخلاته ومخرجاته. ( توفيق مرعي، 2000، ص 67 ).
وكل نظام ( SYSTEM ) هو وحدة مشتقة من نظام أكبر يسمى النظام الأم (SYSTEM ـ SUPRA) يتـألف من عدة نظم فرعية SYSTEM) SUB-) متسلسلة منه ويمكننا تمثيل النظام الأم أو الرئيسي بـِ " جسم الإنسان " وتمثيل النظم الفرعية بجهاز الدوران _ جهاز الهضم _ جهاز الإخراج...الخ. وفي العلوم الاجتماعية يمكن أن نمثل للنظام الرئيسي بالنظام الاجتماعي العام الذي يسود مجتمعاً من المجتمعات، ونمثل للنظم الفرعية بالنظام الاقتصادي ـ العسكري ـ التربوي...الخ.
وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار المنهاج المدرسي نظاما يتكون من مجموعة من العناصر المنظمة والمرتبطة فيما بينها ارتباطاً عضوياً بحيث تعمل ككل متكامل. وفي ضوء هذا المفهوم علينا أن ننظر للمنهاج نظرة شاملة بحيث لا ينفصل المحتوى عن الأهداف أو عن طرائق التعليم أو طرائق التقويم.
والمنهاج كنظام يُعتبر مُكوِّناً من نظام أكبر هو النظام التربوي والذي يُعتبر بدوره جزءاً من نظام أكبر هو النظام الاجتماعي.